كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (تحقيق الزنجاني) - العلامة الحلي - الصفحة ١٩٩
بالنوع متكثرة بالشخص وهو مذهب أرسطاطاليس وذهب جماعة من القدماء إلى أنها مختلفة بالنوع واحتج المصنف على وحدتها بأنها يشملها حد واحد والأمور المختلفة يستحيل اجتماعها تحت حد واحد وعندي في هذا نظر فإن التحديد ليس لجزئيات النفس حتى يلزم ما ذكروه بل لمفهوم النفس وهو المعنى الكلي وذاك كما يحتمل أن يكون نوعا يحتمل أن يكون جنسا فإن قال إن حد الكلي حد لكل نفس إذ لا يعقل من كل نفس سوى ما قلناه في التحديد منعنا ذلك وألزمناه الدور لأن الأشياء المتكثرة إنما يصح جمعها في حد واحد لو كانت متحدة في الماهية فلو استفدنا وحدتها من الدخول في الحد الواحد لزم الدور والتحديد ليس راجعا إلى المفهوم من النفس بل إلى حقيقتها في نفس الأمر وإلا لكان الحد حدا بحسب الاسم لا حدا بحسب الحقيقة.
قال: واختلاف العوارض لا يقتضي اختلافها.
أقول: هذا جواب عن شبهة من استدل على اختلافها وتقرير الدليل أنهم قالوا وجدنا النفوس البشرية تختلف في العفة والفجور والذكاء والبلادة وليس ذلك من توابع المزاج لأن المزاج قد يكون واحدا والعوارض مختلفة فإن بارد المزاج قد يكون في غاية الذكاء وكذا حار المزاج قد يكون في غاية البلادة وكذلك المزاج قد يتبدل والصفة النفسانية باقية ولا من الأسباب الخارجة لأنها قد تكون بحيث تقتضي خلقا والحاصل ضده فعلمنا أنها لوازم للماهية وعند اختلاف اللازم يختلف الملزوم والجواب أن الملزومات مختلفة وليست هي النفس وحدها بل النفس والعوارض المختلفة ومجموع النفس مع العوارض إذا كان مختلفا لا يلزم أن يكون كل جزء أيضا مختلفا فهذه الحجة مغالطة هذا صورة ما أجاب به المصنف في بعض كتبه عن هذه الحجة وفي هذا نظر والأقرب في الجواب ما ذكره هيهنا وهو أن هذه عوارض مفارقة غير لازمة فاختلافها لا يقتضي اختلاف المعروض.
(١٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 ... » »»