كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (تحقيق الزنجاني) - العلامة الحلي - الصفحة ١٩٣
وبغير توسطها ما يصدر عنه من أفاعيل الحياة التي هي التغذي والنمو والتوليد والإدراك والحركة الإرادية والنطق.
المسألة الثالثة: في أن النفس الناطقة ليست هي المزاج قال: وهي مغايرة لما هي شرط فيه لاستحالة الدور.
أقول: ذهب المحققون إلى أن النفس الناطقة مغايرة للمزاج ويدل عليه ثلاثة أوجه (الأول) ما ذكره الأوائل أن النفس الناطقة شرط في حصول المزاج لأن المزاج إنما يحصل من اجتماع العناصر المتضادة فعلة ذلك الاجتماع يجب أن تكون متقدمة عليه وكذا شرط الاجتماع وهو النفس الناطقة فلا تكون هي المزاج المتأخر عن الاجتماع لاستحالة الدور (1) وفي هذا الوجه نظر لأنهم عللوا حدوث النفس بالاستعداد الحاصل من المزاج فكيف جعلوا الآن حدوث الاجتماع من النفس وللشيخ هيهنا كلام طويل ليس هذا موضع ذكره.
قال: وللممانعة في الاقتضاء (2) أقول: هذا هو الوجه الثاني وتقريره أن المزاج يمانع النفس في مقتضاها كما في الرعشة فإن مقتضى النفس الحركة إلى جانب ومقتضى المزاج الحركة إلى جانب آخر وتضاد الآثار يستدعي تضاد المؤثر فهيهنا الممانعة بين النفس والمزاج في جهة الحركة وكذلك قد يقع بينهما الممانعة في نفس الحركة أما بأن تكون

(1) لو كانت النفس هي المزاج كما حكي عن جالينوس لزم توقف الشئ على نفسه إذ النفس أما شرط للمزاج أو مشروط بالمزاج فلو كانا شيئا واحدا لزم توقف الشئ على نفسه الذي يعبر عنه بالدور النفسي الدور في نفس الشئ وهو محال لالتزامه كون الشئ الواحد موجودا ومعدوما في وقت واحد.
(2) فإن النفس تقتضي شيئا والمزاج يقتضي شيئا آخر فإن الماشي مزاجه يقتضي السكون ونفسه تقتضي الحركة فتبين أنهما شيئان إذ لا يعقل أن يقتضي شئ واحد أمرين متقابلين.
كشف المراد - 13
(١٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 ... » »»