كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (تحقيق الزنجاني) - العلامة الحلي - الصفحة ٢٠٣
النفوس بأن تنتقل النفس التي كانت مبدء صورة لزيد مثلا إلى بدن عمرو يصير مبدء صورة له ويكون بينهما من العلاقة كما كان بين البدن الأول وبينها وذهب الأكثر من العقلاء إلى بطلان هذا المذهب والدليل عليه إنا قد بينا أن النفوس حادثة وعلة حدوثها قديمة فلا بد من حدوث استعداد وقت حدوثها ليتخصص ذلك الوقت بالإيجاد فيه والاستعداد إنما هو باعتبار القابل فإذا حدث الاستعداد وتم وجب حدوث النفس المتعلقة به فإذا حدث بدن تعلقت به نفس تحدث عن مباديها فإذا انتقلت إليه نفس أخرى (1) مستنسخة لزم اجتماع النفسين لبدن واحد وقد بينا بطلانه ووجوب التعادل في الأبدان والنفوس حتى لا توجد نفسان لبدن واحد وبالعكس.
المسألة الحادية عشرة: في كيفية تعقل النفس وإدراكها قال: وتعقل بذاتها وتدرك بالآلات للامتياز بين المختلفين وضعا من غير استناد.
أقول: إعلم أن التعقل هو إدراك الكليات والإدراك هو الاحساس بالأمور الجزئية وقد ذهب جماعة من القدماء إلى أن النفس تعقل الأمور الكلية بذاتها من غير احتياج إلى آلة وتدرك الأمور الجزئية بواسطة قوى جسمانية هي محال الإدراكات والحكم الأول ظاهر فإنا نعلم قطعا إنا ندرك الأمور الكلية مع اختلال كل عضو يتوهم أنه آلة للتعقل وقد سلف تحقيق ذلك وأما الحكم الثاني وهو افتقارها في الادراك الجزئي إلى الآلات فلأنا نميز بين الأمور المتفقة بالماهية

(1) ثم اعلم لهم في انتقال النفس بعد الموت إلى شئ آخر اصطلاحات الأول النسخ وهو الانتقال إلى بدن إنساني آخر الثاني المسخ وهو الانتقال إلى بدن حيوان الثالث الفسخ وهو الانتقال إلى نبات أو شجر الرابع الرسخ وهو الانتقال إلى معدن أو جماد.
(٢٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 ... » »»