كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (تحقيق الزنجاني) - العلامة الحلي - الصفحة ٢٠٨
مقدم الدماغ قد فارقتا لين الدماغ قليلا ولم يلحقهما صلابة العصب ويفتقر إلى وصول الهواء المنفعل عن ذي الرائحة إلى الخيشوم أو وصول أجزاء من ذي الرائحة إليه لأنه إنما يدرك بالملاقاة وقد ذهب قوم إلى أن الشم إنما يكون بأن يتحلل أجزاء الجسم ذي الرائحة وتنتقل مع الهواء المتوسط إلى الحاسة لأن الدلك والتبخير يفتح الرائحة ويذكيها وقال آخرون إن الهواء المتوسط يتكيف بتلك الكيفية لا غير وإلا لنقص وزن الجسم ذي الرائحة مع استنشاقها والمصنف (ره) نبه بكلامه على تجويز الأمرين وإن الشم قد يحصل بكل واحد منهما.
قال: ومنه السمع ويتوقف على وصول الهواء المنضغط إلى الصماخ.
أقول: ذهب قوم إلى أن السمع إنما يحصل عند تعدي الهواء المنضغط بين القارع والمقروع إلى الصماغ ولهذا تدرك الجهة ويتأخر السماع عن الإبصار لتوقف الأول على حركة الهواء دون الثاني والمصنف (ره) مال إلى هذا هيهنا وفيه نظر لأن الصوت قد يسمع من وراء الجدار مع امتناع بقاء الشكل على حاله لو أمكن نفوذ الهواء.
قال: ومنه البصر وهي قوة مودعة في العصبتين المجوفتين اللتين تتلاقيان وتتفارقان إلى العينين بعد تلاقيهما بتلك ويتعلق بالذات بالضوء واللون.
أقول: المبصرات أما أن يتعلق الإبصار بها أولا وبالذات أو ثانيا وبالعرض والأول هو الضوء واللون لا غير والثاني ما عداهما من سائر المبصرات كالشكل والحجم والمقدار والحركة والوضع والحسن والقبح وغير ذلك من أصناف المرئيات.
قال: وهو راجع فينا إلى تأثر الحدقة.
أقول: الادراك عند جماعة من الفلاسفة والمعتزلة راجع إلى تأثر الحاسة
(٢٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 ... » »»