تلك الولاية تكون في زمان النبي صلى الله عليه [وآله] أو بعده؟ فليس في اللفظ ما يدل عليه، إلا أن العقل حكم بحسب العرف والعادة أن التصرف للإمام في الأمور لا يحصل بالفعل إلا عند عدم النبي صلى الله عليه [وآله]، ثم لو سلمنا في أن اللفظ يعم الأوقات فلنا أن نقول: إن التخصيص بالعقل جائز.
قوله: سلمنا ذلك، لكن لم قلتم: إنها تدل على الإمامة؟!
قلنا: لما بيناه.
قوله: إنه جاء في القرآن لغير ذلك، كقوله تعالى * (إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه) * (1) قلنا: هذا مطابق لغرضنا، لأن الذين اتبعوا إبراهيم هم أولى بالتصرف في خدمته وأحواله من الكفار الذين لم يتبعوه، وكذلك الرعية للسلطان والتلامذة للأستاذ، وهذا هو المتبادر إلى الأفهام والتبادر إلى الذهن دليل الحقيقة، ولا يحتمل الاستفهام، وأما التوكيد فقد عرفت أنه لا يوجب كون اللفظ مشتركا.
قوله على الوجه الثاني: إن ذلك أيضا ممنوع، بدليل حسن الاستفهام والتوكيد.
قلنا: أما حسن الاستفهام فممنوع، وأما التأكيد فقد عرفت أنه قد يؤكد اللفظ ويراد به حقيقة ظاهرة وبالله التوفيق.
البرهان الثالث: قول النبي (صلى الله عليه وآله): " أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي " (2) وجه الاستدلال به أن هذا الحديث يقتضي أن يثبت لعلي (عليه السلام) من النبي (صلى الله عليه وآله) مثل جميع المنازل التي كانت ثابتة لهارون من (2) انظر من مصادر الحديث في تتمة المراجعات: سبيل النجاة: 117 - 123.