مثل هذا الجمع العظيم من الصحابة، فيجوز أن يكون النبي (صلى الله عليه وآله) قصد ها هنا أن يشهد بذلك الحال ويسمعها كل الصحابة في ذلك الوقت، لأنه قريب وفاته (صلى الله عليه وآله)، فهو وقت الحاجة.
وأما أنه لم يشهره في الوقت الأول وينهيه إلى جميع الصحابة؟
فلجواز أن يكون (عليه السلام) عالما بامتداد عمره فلا يجب عليه إشاعته وجوبا مضيقا في ذلك الوقت، لأنه حكيم لا يعترض عليه بتخصيص بعض الأوقات بإيقاع فعل أو قول دون وقت آخر، لجواز أن يفعل ذلك لمصلحة لا يطلع عليها.
قوله في الوجه الثالث: إن أهل اللغة فريقان، إلى آخره.
قلنا: لا نسلم حصرهم في الفريقين المذكورين، فإن منهم من جعلها حقيقة في القدر المشترك أيضا. سلمنا أن ذلك لم يقل به أحد من أهل اللغة السابقين، لكن لا نسلم أن أخذ (1) كل فرقة بقول يستلزم تحريم إحداث قول ثالث.
قوله: إن ذلك إجماع منهم فيكون القائل (2) بغير أحد القولين خارقا للاجماع.
قلنا: لا نسلم أن الإجماع حاصل، سلمناه، لكن لا نسلم أن مثل هذا إجماع (3) فإن الإجماع عبارة عن: اتفاق أهل الحل والعقد من أمة محمد (صلى الله عليه وآله) على أمر من الأمور اتفاقا مقصودا بالقصد الأول، بحيث يفهم من كل منهم أن الحق ما اتفقوا عليه دون غيره. وها هنا ليس كذلك، فإن اتفاق أهل اللغة على أن المراد بهذه اللفظة أمر واحد أو أمران لا يحتمل غيرهما، غير حاصل.