موسى (عليهما السلام)، ومن المنازل الثابتة لهارون من موسى كونه مستحقا للقيام مقامه بعد وفاته لو عاش بعده، فوجب أن يثبت لعلي (عليه السلام) ذلك.
أما الأول فبيانه من ثلاثة أوجه:
الأول: أن الحكيم إذا تكلم بكلام متناول بظاهره أشياء ثم استثنى بعضها وهو يريد الإفهام فإنه يكون مريدا لما عدا المستثنى ويكون الاستثناء قرينة دالة على إرادته لما عدا المستثنى، لما يتناوله اللفظ، كقول القائل: من دخل داري أكرمته إلا زيدا، عرفنا أنه أراد إكرام من عداه، لأنه أراد الإفهام، فلو لم يرد الإفهام ولم يرد إكرام عمرو أيضا لاستثناه كما استثنى زيد.
الثاني: أن الحديث لو أفاد منزلة واحدة فقط لما جاز أن يستثنى منزلة النبوة، لأن الشئ الواحد لا يمكن أن يستثنى منه.
الثالث: أن الأمة في هذا الحديث على ثلاثة أقوال:
أحدها: قول من قصره على منزلة واحدة، وهو السبب الذي يدعونه من خروج الكلام عليه، وهو أنه (عليه السلام) لما لم يستصحبه في غزوة تبوك أرجف (1) المنافقون بأنه إنما تركه بغضا له، فشكا علي (عليه السلام) ذلك إلى النبي (صلى الله عليه وآله)، فذكر النبي (صلى الله عليه وآله) ذلك إزالة لذلك الوهم.
والقول الثاني: أنه يتناول كل المنازل إلا ما خرج بالدليل.
والثالث: التوقف إلى ظهور القرينة المعينة للمراد.
فالأول: باطل لثلاثة أوجه:
الأول: أن المرجف يبغض النبي (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام) إن لم يكن عاقلا فلا معنى لتأذيه منه، وإن كان عاقلا فالضرورة قاضية، بأنه لا يجوز أن يتوهم ذلك مع