والماهية المركبة لا تتحقق إلا بمجموع أجزائها، لكن وإن حصل وجوده وقيامه بأعباء الإمامة - وهذان الأمران اللذان يتعلقان بالله تعالى وبه نفسه - فإن الجزء الثالث من الخلق لم يحصل، إذ لم يزل خائفا مستترا من الأعداء، فقد (1) ظهر من ذلك: أن سبب غيبة الإمام هو قوة الظالمين والخوف منهم.
على أن لنا أن نقول: إن سلمنا أن هذا ليس بسبب، لكن إذا ثبت أنه عليه السلام معصوم لم يفعل قبيحا ولم يخل بواجب، لم يزل من عدم تعقلنا (2) لعلة غيبته أن لا يكون موجودا، لجواز أن يكون ذلك لمصلحة لا يطلع عليها.
وأما المقام الثاني، وهو إمكان بقاء المزاج الانساني مثل المدة التي ندعيها لهذا الإمام القائم، فالعلم به ضروري، ويدل على ثبوت الإمكان تواتر الوقوع.
وأما المقام الثالث، وهو ثبوت البقاء في أمزجة مشهورة، فهو أيضا بين، ولنذكر عدة من أعمار المعمرين الذين تواترت بتعيين أعمارهم الأخبار: فمن أولئك:
الربيع بين ضبيع الفزاري، كان من المعمرين وعاش ثلاثمائة وثمانين سنة (3)، روي أنه دخل على بعض خلفاء بني أمية فقال: يا ربيع، لقد طلبك جد (4) غير عاثر. فقال: فصل لي عمرك. فقال: عشت مائتي سنة في الفترة فترة عيسى ابن مريم عليه السلام، ومائة وعشرين سنة في الجاهلية، وستين سنة في الاسلام. مع