أحدهما: أن كل واحد من الكافرين مقبول عند جماعة مردود عند آخرين، أو كلاهما مقبول ومغتفر من جماعة مثل العوام بل المتوسطين الأبرار، مردود عند أهل الله والمقربين الأخيار، لأن (حسنات الأبرار سيئات المقربين) (1) وكم من مثوبة لعامل هي عقوبة لآخرين.
وثانيهما: أنهما مقبولان من وجه مردودان من وجه آخر: أما كونهما الكفر بالشيطان هو اعتقاد ظهوره في مقابل الرحمن، فعلى هذا يحتمل أن يكون قوله " المقبولان المردودان المتفقان المختلفان المرجوان "، وكذا قوله تعالى: * (مرج البحرين يلتقيان) * (2) وكذا قول السائل حيث قال: " كلاهما مرجوان " لا كل واحد منهما، إشارات خفية إلى التلازم، فعلى هذا يسقط الاحتمال الثاني من الاحتمالين في الموارد التي ذكرها قدس سره.
ويحتمل أن يكون قوله: " ونص به الرحمن " إشارة إلى نصه تعالى بالكفر بالشيطان والكفر بالله وتلازمهما، حيث عبر عنهما بالبحرين وعن تلازمهما بالالتقاء، ومعلوم أنهما لا يختلطان، وكون علي وفاطمة عليهما السلام بحرين عميقين أي كون كل منهما بحرين، كون علي عليه السلام بحرا وفاطمة عليها السلام بحرا.
وعلى هذا يكون هذا مقام البرزخية الكبرى التي لرسول الله صلى الله عليه وآله أيضا، وبرزخيته صلى الله عليه وآله عبارة عن الاعتدال بين الإفراط والتفريط، والقيام بمقام الكثرة والوحدة كما قال صلى الله عليه وآله: (كان أخي موسى عليه السلام عينه اليمنى عمياء، وكان أخي عيسى عليه السلام عينه اليسرى عمياء وأنا ذو العينين) وخروجه عن الكافرين، ودخوله في التوحيد التام، وخروجه عن أنحاء الكفر والشرك.