فعلى هذا قوله: أحدهما الجنة إشارة إلى شق الانضمام، ولا شك أنه الجنة الحقيقية التي لا جنة فوقها، وقوله: والآخر النيران إشارة إلى الجمود على الطرف الواحد، سواء كان الكفر بالله أو الكفر بالشيطان، وبالحقيقة هما شقيقان لكن لاشتراكهما في الاقتصار على الطرف الواحد عدهما بالآخر.
وبالجملة: على الاحتمال الأول يكون الجنة والنار بالنسبة إلى المتوسطين من أصحاب اليمين، وأما على الاحتمال الثاني فهما بالقياس إلى المقربين، فتبصر.
وهما اللذان المتفقان: لاتفاقهما إذا انضاف إلى اعتقاد الخفاء اعتقاد الظهور، وبالعكس.
المختلفان: إذا انفرد كل منهما برأسه.
وهما المرجوان: هذا أيضا يحتمل وجهين على قياس ما سبق في الجنة والنيران:
الأول: أن يكون المراد أنهما المرجوان للخلاص من المتعلمين والمتوسطين وإن لم يليقا بالمقربين.
والثاني: أن يكون المقصود أنهما الشيطانان الباطلان البعيدان من رحمة الله الخاصة، ومن الجنة المعدة لأهل السابقة، إذا أخذا على الانفراد، وهما المرجوان للخلاص والنجاة إذا انضما واجتمعا، وقد عرفت أن المجموع هو الإيمان الكامل، وفي كلام السائل أيضا إشارة خفية إلى قوة هذا الاحتمال، حيث قال: وما الشيطانان اللذان كلاهما المرجوان، ولم يقل: كل منهما مرجو، فتدبر.
ونص به الرحمن: أي بما قلنا من أحكام الظهور والبطون واجتماعهما، حيث عبر عنهما بالبحرين وعن اجتماعهما بالمجمع في موضع، وفي آخر بالالتقاء والاختلاط حيث قال عز شأنه في سورة