الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٤ - الصفحة ٨٠
الحجة على العباد، وبه تنزاح علتهم في مصالحهم، فكيف يخاف ما لا يخاف من مثله.
فإن قيل: فهبوا أن الأمر على ما ذكرتم من أن زكريا كان يأمن على العلم أن يندرس، أليس لا بد أن يكون مجوزا لأن يحفظه الله تعالى بمن هو من أهله وأقاربه كما يجوز أن يحفظه بغريب أجنبي؟ فما أنكرتم أن يكون خوفه من بني عمه أن لا يتعلموا العلم. ولا يقوموا فيه مقامه.
فسأل الله تعالى ولدا يجمع فيه هذه العلوم حتى لا يخرج العلم عن بيته.
ويتعدى إلى غير قومه، فيلحقه بذلك وصمة.
قلنا: أما إذا رتب السؤال هذا الترتيب فالجواب عنه ما أجبنا به صاحب الكتاب، وهو أن الخوف الذي أشاروا إليه ليس من ضرر ديني وإنما هو من ضرر دنيوي والأنبياء عليهم السلام إنما بعثوا لتحمل المضار الدنيوية ومنازلهم في الثواب إنما زادت على كل المنازل لهذا الوجه، ومن كانت حاله هذه الحال فالظاهر من خوفه إذا لم يعلم وجهه بعينه أن يكون محمولا على مضار الدين، لأنها هي جهة خوفهم. والغرض في بعثتهم تحمل ما سواها من المضار، فإذا قال النبي صلى الله عليه وآله: أنا خائف ولم يعلم جهة خوفه على التفصيل، يجب أن يصرف خوفه بالظاهر إلى مضار الدين دون الدنيا، لأن أحوالهم وبعثهم تقتضي ذلك. فإذا كنا لو اعتدنا من بعضنا الزهد في الدنيا وأسبابها والتعفف عن منافعها. والرغبة في الآخرة والتفرد بالعمل لها لكنا نحمل ما يظهر لنا من خوفه الذي لا يعلم وجهه بعينه على ما هو أشبه وأليق بحاله، ونضيفه إلى الآخرة دون الدنيا، وإذا كان هذا واجبا فيمن ذكرناه فهو الأنبياء عليهم السلام أوجب.
فأما قوله متعلقا في أن الميراث محمول على العلم بقوله: (ويرث
(٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 ... » »»