وقد روي هذا الكلام على هذا الوجه من طرق مختلفة ووجوه كثيرة، فمن أرادها أخذها من مواضعها فقط طولنا بذكرنا ما ذكرناه منها لحاجة مست إليه فكيف يدعى أنها كفت راضية، وأمسكت قانعة لولا البهت وقلة الحياء.
فأما قوله: (إنه يجوز أن يبين أنه لا حق في ميراثه لورثته لغير الورثة ولا يمتنع أن يرد من جهة الآحاد لأنه من باب العمل) فكل هذا بناء منه على أصوله الفاسدة في أن خبر الواحد حجة في الشرع وأن العمل به وجب، ودون صحة ذلك خرط القتاد.
وإنما يجوز أن يبين من جهة دون جهة إذا تساويا في الحجة ووقوع العلم. فأما مع تباينهما فلا يجوز التخيير فيهما وإذا كان ورثة النبي صلى الله عليه وآله متعبدين بأن لا يرثوه فلا بد من إزاحة علتهم في هذه العبادة بأن يوقفهم على الحكم بعينه، ويشافههم به أو بأن يلقيه إلى من تقوم الحجة عليهم بنقله، وكل ذلك لم يكن.
فأما قوله: (تجوزون صدقه في الرواية أم لا تجوزون ذلك) فالجواب إنا لا نجوزه، لأن كتاب الله أصدق منه وهو يدفع روايته ويبطلها.
فأما اعتراضه على قولنا: إن إطلاق الميراث لا يكون إلا في الأموال بقوله تعالى: (ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا) (1) وقولهم:
" ما ورثت الأبناء من الآباء شيئا أفضل من أدب حسن " وقولهم: " العلماء ورثة الأنبياء " فعجيب لأن كل ما ذكر مقيد غير مطلق، وإنما قلنا: إن مطلق لفظ الميراث من غير قرينة ولا تقييد يفيد بظاهره ميراث الأموال