طالت المحاجات (1) وكثرت المراجعة والملاحاة، وظهرت الشكية، واشتدت الموجدة، وقد بلغ ذلك من فاطمة عليها السلام حتى أنها أوصت أن لا يصلي عليها أبو بكر، ولقد كانت قالت له حين أتته طالبة بحقها، ومحتجة برهطها: (من يرثك يا أبا بكر إن مت؟) قال: أهلي وولدي، قالت: (فما بالنا لا نرث النبي صلى الله عليه وآله؟) فلما منعها ميراثها وبخسها حقها. واعتل عليها، وجلح (2) في أمرها وعاينت التهضم وآيست من النزوع (3) ووجدت مس الضعف، وقلة الناصر، قالت: (والله لأدعون الله عليك) قال: والله لأدعون الله لك، قالت (والله لا أكلمك أبدا) قال: والله لا أهجرك أبدا فإن يكن ترك النكير منهم على أبي بكر دليلا على صواب منعه، إن كان في ترك النكير على فاطمة عليها السلام دليلا على الصواب طلبها، وأدنى ما كان يجب عليهم في ذلك تعريفها ما جهلت، وتذكيرها ما نسيت، وصرفها عن الخطأ، ورفع قدرها على البذاء، وأن تقول هجرا (4) وتجور عادلا (5) أو تقطع واصلا، فإذا لم نجدهم أنكروا على الخصمين جميعا فقد تكافأت الأمور، واستوت الأسباب، والرجوع إلى أصل حكم الله في المواريث أولى بنا وبكم، وأوجب علينا وعليكم ثم قال: (6) " فإن قالوا: كيف نظن بأبي بكر (7) ظلمها، والتعدي عليها، وكلما ازدادت فاطمة عليها السلام عليه غلظة ازداد لها لينا ورقة، حيث تقول: (والله لا أكلمك
(٨٥)