كان في عصره وزمانه وصحبته، والآخر من كان على دينه وملته، والأول يقتضي عموم أوصاف الآية وما تضمنته من المدح لجميع من عاصره وصحبه عليه السلام ومعلوم أن كثيرا من هؤلاء كان منافقا خبيث الباطن لا يستحق شيئا من المدح ولا يليق به هذه الأوصاف، فثبت أن المراد بالذين معه من كان على دينه ومتمسكا بملته، وهذا يخرج الظاهر من يد المخالف وينقض غرضه في الاحتجاج به، لأنا لا نسلم له أن كل من كان بهذه الصفة فهو ممدوح مستحق لجميع صفات الآية، وعليه أن يبين أن من خالفناه فيه له هذه الصفة حتى يحصل له التزاحم، وليس لهم أن يقولوا: نحن نحمل اللفظ (1) على الصحبة والمعاصرة، ونقول إن الظاهر والعموم يقتضيان حصول جميع الصفات لكل معاصر مصاحب إلا من أخرجه الدليل، فالذي ذكرتم ممن يظهر نفاقه وشكه نخرجه بدليل، وذلك أنها إذا حملت على الصحبة والمعاصرة وأخرج بالدليل بعض من كان بهذه الصفة كانت الآية مجازا لأنا إنما نتكلم الآن على أن العموم هو الحقيقة والظاهر، ومتى حملناها على أن المراد بها من كان على دينه عمت كل من كان بهذه الصفة فكانت الآية حقيقة على هذا الوجه، وصار ذلك أولى مما ذكروه، وليس لهم أن يقولوا: إن الظاهر من لفظة " معه " يقتضي الزمان والمكان دون المذهب والاعتقاد لأنا لا نسلم ذلك، بل هذه اللفظة مستعملة في الجميع على سواء، ولهذا يحسن استفهام من قال:
فلان مع فلان عن مراده، وقد يجوز أن يكون في أصل اللغة للمكان أو الزمان، ويكون العرف وكثرة الاستعمال قد أثر في احتمالها لما ذكرناه، على إنا لو سلمنا ذلك أيضا لكان التأويلان جميعا قد تعادلا في حصول وجه من المجاز في كل واحد منهما، وليس المخالف بأن يعدل إلى تأويله هربا