ومنها: أن النبي صلى الله عليه وآله قال له عليه السلام بلا خلاف بين أهل النقل: (حربك يا علي حربي وسلمك سلمي) (1) ونحن نعلم أنه لم يرد إلا التشبيه بينهما في الأحكام. ومن أحكام محاربي النبي صلى الله عليه وآله الكفر بلا خلاف.
ومنها: أنه عليه السلام قال بلا خلاف أيضا: (اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله) وقد ثبت عندنا أن العداوة من الله لا تكون إلا للكفار الذين يعادونه دون فساق أهل الملة.
فأما قوله: " إنا لا نعلم بقاء هؤلاء المخلفين إلى أيام أمير المؤمنين عليه السلام كما علمنا بقاءهم إلى أيام أبي بكر " فليس بشئ لأنه إذا لم يكن معلوما ومقطوعا عليه، فهو مجوز غير معلوم خلافه والجواز كاف لنا في هذا الموضع، ولو قيل له: من أين علمت بقاء المخلفين المذكورين في الآية على سبيل القطع إلى أيام أبي بكر لكان يفزع إلى أن يقول حكم الآية يقتضي بقاءهم حتى يتم كونهم مدعوين إلى قتال أولي البأس الشديد على وجه يلزمهم فيه الطاعة، وهذا بعينه يمكن أن يقال له، ويعتمد في بقائهم إلى أيام أمير المؤمنين عليه السلام على ما يوجبه حكم الآية.
فإن قيل: كيف يكون أهل الجمل وصفين كفارا ولم يسر فيهم أمير المؤمنين عليه السلام بسيرة الكفار لأنه ما سباهم ولا غنم أموالهم ولا اتبع موليهم.
قلنا: أحكام الكفر تختلف وإن شملهم اسم الكفر، لأن فيهم من يقتل