درجاتهم. وأثابهم ثواب الصالحين، الصادقين الصابرين ".
وليست هذه أوصاف من تاب وقبض على الطهارة والإنابة، وفي تفريقه عليه السلام من الخبر عن قتلاه وقتلاهم، ووصف من قتل من عسكره بالشهادة، دون من قتل منهم، وفي دعائه لقتلى عسكره، دون طلحة والزبير، دلالة على ما قلناه ولو كانا مضيا تائبين لكانا أحق الناس بالوصف بالشهادة، والترحم والدعاء.
وقد روى الواقدي أيضا كتاب أمير المؤمنين عليه السلام إلى أهل المدينة يتضمن مثل معاني كتابه إلى أهل الكوفة، وقريبا من ألفاظه، ويصفهم بأنهم قتلوا على النكث والبغي ولولا الإطالة لذكرناه بعينه.
وقد روى الواقدي أن ابن جرموز لما قتل الزبير واحتز رأسه، وأخذ سيفه، ثم أقبل حتى وقف على باب أمير المؤمنين، فقال: أنا رسول الأحنف فتلا هذه الآية: (الذين يتربصون بكم) فقال هذا رأس الزبير وسيفه، وأنا قاتله، فتناول أمير المؤمنين عليه السلام سيفه، وقال:
" لطال ما جلى به الكرب عن وجه رسول الله صلى الله عليه وآله ولكن الحين (1) ومصارع السوء " ولو كان تائبا لم يكن مصرع سوء، لا سيما وقد قتله غادرا به. وهذه شهادة لو كان تائبا مقلعا عما كان عليه وروى الشعبي عن أمير المؤمنين عليه السلام، أنه قال: " الآن إن أئمة الكفر في الاسلام خمسة طلحة والزبير ومعاوية وعمرو بن العاص وأبو موسى الأشعري ".
وقد روي مثل ذلك عن عبد الله بن مسعود.