الفاعل، ولو أراد ما ذكره لكان يقول: وإياي معه، وليس له أن يقول إنما يجعل قوله وأنا معه مبتدأ محذوف الخبر، ويكون تقدير كلامه وأنا معه مقتول، وذلك لأن هذا ترك للظاهر، وإحالة على ما ليس فيه، والكلام إذا أمكن حمله على معنى يستقبل ظاهره به من غير تقدير وحذف كان أولى مما يتعلق بمحذوف، على أنهم إذا جعلوه مبتدأ وقدروا خبرا لم يكونوا بأن يقدروا ما يوافق مذهبهم بأولى من تقدير خلافه، وجعل بدلا من لفظ المقتول المحذوف لفظ معين أو ظهير فإذا تكافأ القولان في التقدير وتعارضا سقطا ووجب الرجوع إلى ظاهر الخبر على أن عثمان مضى مقتولا، وكيف يقال: إن الله أماته، والقتل كاف في انتقام الحياة، وليس يحتاج معه إلى ناف لحياة يسمى موتا.
وقول صاحب الكتاب: (ويجوز أن يكون ما ناله من الجراح لا يوجب انتفاء الحياة) فليس ذلك بجائز لأن المروي أنه ضرب على رأسه بعمود حديد عظيم، وأن أحد قتلته قال: جلست على صدره فوجأته تسع وجاءات (1) علمت أنه مات في ثلاث منهن، ولكن وجأته الست الأخر لما كان في نفسي عليه من الحنق والغيظ.
وبعد، فإذا كان ذلك جائزا من أين علمه أمير المؤمنين عليه السلام حتى يقول: الله أماته وإن الحياة لم تنتف بما فعلت القتلة، وإنما انتفت بشئ زاد على فعلهم من قبل الله تعالى مما لا يعلمه على التفصيل إلا الله علام الغيوب تعالى وهذا واضح لمن تأمله (2).