الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٤ - الصفحة ٣٠٩
مستول عليهم، فامتنع من ذلك ويكون فائدة هذا الكلام التبروء من مباشرة قتله، والأمر به على سبيل التفضيل، أو النهي، ويجوز أن يريد إنني ما أحببت قتله إن كانوا تعمدوا القتل، ولم يقع على سبيل الممانعة، وهو غير مقصود ويريد بقوله: ما كرهته، إني لم أكرهه على كل حال ومن كل وجه.
فأما لعنه قتلته فقد بينا أن ذلك ليس بظاهر ظهور ما ذكرناه، فإن صح وهو مشروط بوقوع القتل على الوجه المحظور من تعمد له، وقصد إليه وغير ذلك، على أن المتولي للقتل على ما صحت به الرواية كنانة بن بشير التجيبي (1) وسودان بن حمران المرادي (2) وما منهما من كان غرضه في القتل صحيحا، ولا له أن يقدم عليه فهو ملعون به.
فأما محمد بن أبي بكر فما تولى قتله، وإنما روي أنه لما جثا بين يديه قابضا على لحيته، قال يا ابن أخي دع لحيتي فإن أباك لو كان حيا لم يقعد مني هذا المقعد، فقال محمد: إن أبي لو كان حيا ثم رآك تعمل هذا العمل لأنكره عليك، ثم وجأه بجماعة قداح كانت في يده فخزت في جلده، ولم تقطع وبادره من ذكرناه بما كان فيه القتل.
فأما تأول صاحب الكتاب ما روي من قوله عليه السلام: " الله قتله وأنا معه " على (أن المراد به الله أماته وسيميتني معه) فبعيد من الصواب لأنه لفظة " أنا " لا تكون كناية عن المفعول وإنما تكون كناية عن

(1) كنانة بن بشير التجيبي له إدراك شهد فتح مصر وقتل بفلسطين سنة 36 (انظر الإصابة حرف الكاف ق 1).
(2) سودان بن حمران المرادي (ممن شرك في قتل عثمان رضي الله عنه (انظر التاريخ لابن الأثير 3 / 155 و 158 و 178.
(٣٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 304 305 306 307 308 309 310 311 312 313 314 ... » »»