أمرت به ولا نهيت عنه " وقد روى محمد بن سعد عن عفان عن جوين بن بشير عن أبي جلدة أنه سمع عليا عليه السلام يقول وهو يخطب فذكر عثمان وقال: " والله الذي لا إله إلا هو ما قتلته ولا مالأت على قتله، ولا سائني " ورواه ابن بشير عن عبيدة السلماني قال سمعت عليا عليه السلام يقول: " من كان سائلي عن دم عثمان فإن الله قتله وأنا معه " وقد روي هذا اللفظ من طرق كثيرة، وقد روى شعبة عن أبي حمزة الضبعي قال:
قلت لابن عباس: إن أبي أخبرني أنه سمع عليا عليه السلام يقول:
" ألا من كان سائلي عن دم عثمان، فإن الله قتله وأنا معه " فقال: صدق أبوك، هل تدري ما يعني بقوله، إنما عني أن الله قتله وأنا مع الله؟.
فإن قيل: كيف يصح الجمع بين معاني هذه الأخبار؟
قلنا: لا تنافي بين الجميع لأنه تبرأ من مباشرة قتله والمؤازرة عليه، ثم قال: " ما أمرت بذلك ولا نهيت عنه " يريد أن قاتليه لم يرجعوا إلي ولم يكن مني قول في ذلك ولا نهي.
فأما قوله: " الله قتله وأنا معه " فيجوز أن يكون المراد الله حكم بقتله وأوجبه وأنا كذلك لأن من المعلوم أن الله لم يقتله على الحقيقة، فإضافة القتل إلى الله لا تكون إلا بمعنى الحكم والرضا، وليس يمنع أن يكون مما حكم الله به ما لم يتوله بنفسه، ولا آزر عليه، ولا شايع فيه.
فإن قال: هذا ينافي ما روي عنه " ما أحببت قتله ولا كرهته " وكيف يكون من حكم الله وفي حكمه بأن يقتل وهو لا يحب قتله.
قلنا يجوز: أن يريد بقوله: ما أحببت قتله ولا كرهته، أن ذلك لم يكن مني على سبيل التفصيل ولا خطر لي ببال، وإن كان على سبيل الجملة يجب قتل من غلب على أمور المسلمين، وطالبوه بأن يعزل لأنه بغير حق