الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٤ - الصفحة ٣٠٧
وأعجب من كل شئ قول صاحب الكتاب: (إنهم أخروا دفنه تشاغلا بالبيعة لأمير المؤمنين عليه السلام) وأي شغل في البيعة يمنع من دفنه، والدفن فرض على الكفاية إذا قام به البعض وتشاغل الباقون بالبيعة لجاز، وليس الدفن ولا البيعة مفتقرة إلى تشاغل جميع المدينة بها، وبهذا الكلام من الضعف ما لا يخفى على متأمل.
فأما قوله: (إنه روي أن عثمان دفن في تلك الليلة) فما نعرف هذه الرواية، وقد كان يجب أن يسندها ويعزوها إلى راويها، والكتاب الذي أخذها منه، والذي ظهر في الرواية هو ما ذكرناه.
فأما إحالته على ما تقدم من كلامه في أن الصحابة لم تنكر على القوم [المجلبين على عثمان (1)] فقد بينا فساد ما أحال عليه ولا معنى لإعادته.
فأما روايته عن أمير المؤمنين تبروءه من قتل عثمان، ولعنه قتلته في البر والبحر والسهل والجبل، فلا شك في أنه عليه السلام كان بريئا من قتله، وقد روي أنه قال: " والله ما قتلته ولا مالأت في قتله " والممالاة هي المعاونة والموازرة، وقد صدق عليه السلام في أنه ما قتل ولا وازر على القتل.
فأما لعنه قتلته، فضعيف في الرواية، وإن كان قد روى فأظهر منه ما رواه الواقدي عن الحكم بن الصلت، عن محمد بن عمار بن ياسر عن أبيه، قال: رأيت عليا عليه السلام على منبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين قتل عثمان، وهو يقول: " ما أحببت قتله ولا كرهته ولا

(1) ما بين الحاصرتين من (شرح نهج البلاغة).
(٣٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 302 303 304 305 306 307 308 309 310 311 312 ... » »»