الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٤ - الصفحة ٣٠٤
وله أن يعفو كما له أن يستوفي القود، فليس بشئ لأن الهرمزان رجل من أهل فارس، ولم يكن له ولي حاضر يطالب بدمه وقد كان يجب أن يبذل الانصاف لأوليائه ويؤمنوا متى حضروا حتى إن كان له ولي يطالب حضر وطالب، ثم لو لم يكن له ولي لم يكن عثمان ولي دمه لأنه قتل في أيام عمر فصار عمر ولي دمه، وقد أوصى عمر على ما جاءت به الروايات الظاهرة بقتل ابنه عبيد الله إن لم يقم البينة العادلة على الهرمزان وجفينه أنهما أمرا أبا لؤلؤة غلام المغيرة ابن شعبة بقتله، وكانت وصيته بذلك إلى أهل الشورى، فقال أيكم ولي هذا الأمر فليفعل كذا وكذا مما ذكرناه، فلما مات عمر طلب المسلمون إلى عثمان إمضاء الوصية في عبيد الله بن عمر فدافع عنها، وعللهم، فلو كان هو ولي الدم على ما ذكره، لم يكن له أن يعفو، وأن يبطل حدا من حدود الله تعالى وأي شماتة للعدو في إقامة حدود الله تعالى، وإنما الشماتة كلها من أعداء الاسلام في تعطيل الحدود، وأي حرج في الجمع بين قتل الأب والابن حتى يقال: كره أن ينتشر الخبر بأن الإمام وابنه قتلا، وإنما قتل أحدهما ظلما والآخر عدلا، أو أحدهما بغير أمر الله والآخر بأمر الله تعالى.
وقد روى زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق، عن أبان ابن صالح أن أمير المؤمنين عليه السلام أتى عثمان بعد ما استخلف فكلمه في عبيد الله، ولم يكلمه أحد غيره، فقال: اقتل هذا الفاسق الخبيث الذي قتل امرءا مسلما، فقال عثمان: قتلوا أباه بالأمس واقتله اليوم، وإنما هو رجل من أهل الأرض، فلما أبي عليه مر عبيد الله على علي عليه السلام فقال له: (يا فاسق إيه أما والله لئن ظفرت بك يوما من الدهر لأضربن عنقك) فلذلك خرج مع معاوية على أمير المؤمنين عليه السلام.
وروى القناد، عن الحسن بن عيسى بن زيد، عن أبيه، أن
(٣٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 299 300 301 302 303 304 305 306 307 308 309 ... » »»