الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٤ - الصفحة ٢٨
فكيف يفضل عليها هجرة أبي بكر وإن لم يرد بذكر الهجرة هذا وأراد إثبات الإيمان والاخلاص، فقد قلنا في أن ظواهر هذه الأمور لا تدل على ذلك بما كفي.
فأما أنه: " أنيسه في العريش يوم بدر " فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم كان أفضل وأوثق بالله تعالى من أن يحتاج إلى مؤنس والوجه في احتباس أبي بكر في العريش معروف لأنه عليه السلام كان يعهد منه الجبن والهلع لما ظهر منه في مقام بعد مقام، فهو الفار في يوم خيبر، وأول المنهزمين يوم أحد وحنين، فلو تركه يختلط بالمحاربين لم يأمن أن يظهر من خوره ما يكون سببا للهزيمة. وطريقا إلى استظهار المشركين، فأجلسه معه لتكفي هذه المؤونة ويكفي في هذا الوجه أن يكون ما ذكرناه جائزا، ويبين صحته أنه لو أنس منه رشدا في القتال ووثق بكفايته واضطلاعه بالحرب لم يكن ليحرمه منزلة المحاربين، ودرجة المباشرين للحرب الذين قال الله تعالى فيهم: ﴿إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون﴾ (١) والذين قال الله تعالى فيهم: ﴿لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما﴾ (2) فأما قوله: " إنه كان المستشار في أموره " فأول ما فيه أن النبي صلى الله عليه وآله لا يستشير أحدا لحاجة منه إلى رأيه، وفقر إلى تعليمه وتوقيفه لأنه عليه السلام الكامل الراجح المعصوم المؤيد بالملائكة، وإنما كانت

(٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 ... » »»