عدوا) (١) ثم قال: ﴿قل للمخلفين من الأعراب ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد تقاتلونهم أو يسلمون فإن تطيعوا يؤتكم الله أجرا حسنا وإن تتولوا كما توليتم من قبل يعذبكم عذابا أليما﴾ (2) فتبين أن الذي يدعو هؤلاء المخلفين من الأعراب إلى قتال قوم أولي بأس شديد غير النبي صلى الله عليه وآله وسلم، لأنه تعالى قد بين أنهم لا يخرجون معه، ولا يقاتلون معه عدوا بآية متقدمة، ولم يدعهم بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى قتال الكفار إلا أبو بكر وعمر وعثمان لأن أهل التأويل لم يقولوا في هذه الآية غير وجهين من التأويل، فقال بعضهم: عني بقوله (ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد) بني حنيفة، وقال بعضهم: عني بذلك فارس والروم، وأبو بكر هو الذي دعى إلى قتال بني حنيفة، وقتال فارس والروم. ودعاهم بعده إلى قتال فارس والروم عمر، فإذا كان الله تعالى قد بين أنهم بطاعتهم لهما يؤتيهم الله أجرا حسنا، وإن تولوا عن طاعتهما يعذبهم الله عذابا أليما صح أنهما على حق وأن طاعتهما طاعة الله، وهذا يوجب صحة إمامتهما وصلاحهما لذلك.
ثم قال: فإن قيل: إنما أراد تعالى بذلك أهل الجمل وصفين فذلك فاسد من وجهين:
أحدهما: قوله تعالى (يقاتلونهم أو يسلمون) والذين حاربوا أمير المؤمنين عليه السلام كانوا على الاسلام، ولم يكونوا يقاتلون على الكفر [ولا كان هو يقاتلهم ليسلموا، بل كان يقاتلهم ليردهم إلى طاعته والدخول في بيعته ويردهم عن البغي] (3).