أما قوله تعالى: (ثاني اثنين) فليس فيه أكثر من إخبار عن عدد وقد يكون ثانيا لغيره من لا يشركه في إيمان ولا فضل ثم قال: ﴿يقول لصاحبه﴾ (١) وليس في التسمية بالصحبة فضل لأنها قد تحصل من الولي والعدو والمؤمن والكافر قال الله تعالى مخبرا عن مؤمن وكافر اصطحبا ﴿قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا﴾ (٢) ثم قال: (لا تحزن) فنهاه عن الاستمرار على حزن وقع منه بلا خلاف لأن الرواية وردت بأنه جزع ونشج بالبكاء، وإنما ذكرنا ذلك لئلا يقولوا: إنما نهاه عما لم يقع منه فظاهر نهيه عليه السلام يدل على قبح الفعل، وإنما يحمل النهي في بعض المواضع على التشجيع والتسكين بدلالة توجب العدول عن الظاهر، وهذا يدل على وقوع المعصية من الرجل في الحال فأما قوله تعالى: (إن الله معنا) فمعناه إنه عالم بحالنا كما قال تعالى: ﴿ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا﴾ (٣) فليس في ذلك أيضا فضل.
وقد قيل: إن لفظة (معنا) تختص النبي وحده صلى الله عليه وآله دون من كان معه وقد يستعمل الواحد العظيم هذه اللفظة في العبارة عن نفسه كما قال تعالى: ﴿إنا أرسلنا نوحا﴾ (٤) و ﴿إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون﴾ (5) ثم قال: (فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها) وإنزال السكينة إنما كان على النبي صلى الله عليه وآله بدلالة قوله