الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٤ - الصفحة ٢٤
بلا خلاف بين أهل العلم (١) وأنه عليه السلام كان يطعم المسكين واليتيم والأسير وحتى نزلت في ذلك سورة هل أتى على الإنسان (٢) وفيه نزل وفي معنى نفقته ورد قوله: (الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون) (٣) ولما تصدق بخاتمه وهو راكع نزل فيه قوله تعالى: ﴿إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون﴾ (4) وهذه جهات لا تدفع ولا تجهل فأين نفقات أبي بكر والشاهد عليها إن كانت صحيحة. على أن الذي ادعى من إنفاق أبي بكر لا يخلو من أن يكون وقع بمكة قبل الهجرة لو كان صحيحا، أو بالمدينة، فإن كان بمكة فمعلوم أن النبي صلى الله عليه وآله لم يجهز هناك جيشا ولا بعث بعثا ولا حارب عدوا وإنما يحتاج مثله عليه السلام إلى النفقة الواسعة في تجهيز الجيوش وإعداد الكراع (5) لأنه كان ممن لا يتفكه ولا يتنعم بإنفاق الأموال على أنه عليه السلام كان بمكة في كفاية واسعة من مال خديجة رضي الله عنها وقد كانت باقية عنده إلى سنة الهجرة وسعة حالها معروفة. ولما كان فيه من الكفاية والاتساع ضم أمير المؤمنين عليه السلام إلى نفسه وكفله واقتطعه عن أبيه تخفيفا عنه، وهذا لا يفعله المحتاج إلى نفقة أبي بكر، وإن كانت النفقة بعد الهجرة فمعلوم أن أبا بكر ورد المدينة فقيرا بلا مال، ولهذا احتاج إلى مواساة الأنصار.
وقد روى الناس كلهم أن النبي صلى الله عليه وآله كان في ضيافة

(١) انظر تفسير الرازي ٢٩ / ٢٧١ و ٢٧٢.
(٢) انظر الكشاف ٤ / ٩٧ وأسد الغابة ٥ / ٥٣٠ في ترجمة فضة.
(٣) تفسير الرازي ١٢ / ٢٦.
(٤) المائدة ٥٥.
(5) الكراع: اسم لجمع الخيل.
(٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 ... » »»