(وأيده بجنود لم تروها) وهم الملائكة وبدلالة أن الهاء من أول الآية إلى آخرها كناية عن النبي صلى الله عليه وآله ولم ينزل السكينة على النبي صلى الله عليه وآله في غير هذا المقام إلا عمت من كان معه من المؤمنين قال الله تعالى في يوم حنين ﴿ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين﴾ (١) وقال تعالى: ﴿إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين﴾ (2) وفي اختصاص الرسول صلى الله عليه وآله في الغار بالسكينة دون من كان معه ما فيه.
فأما قوله: " وصاحبه في الهجرة " فإن أراد بذلك تفضيل هجرته على هجرة غيره في ظاهر الحال فليس الأمر على ما ظنه لأن هجرة أمير المؤمنين عليه السلام أفضل وأجل وأعظم من قبل أنه جمع بين الهجرة وبين ما خلفه النبي صلى الله عليه وآله لإنجازه من أموره المهمة وإخراج أهله ونسائه ولأنه صلوات الله عليه هاجر وحده خائفا على نفسه وعلى من معه من الأهل الذين كلف إخراجهم وحراستهم مستوحشا حتى روي أنه كان يكمن نهارا ويسير ليلا وأنه امتنع من ظهوره نهارا ومشى حتى انتفخ قدماه، وليس يكون خوف من هاجر وحده ومعه النساء والأهل ومن يخاف عليه كخوفه على نفسه كهجرة من كان مصاحبا للنبي صلى الله عليه وآله مستأنسا بقربه واثقا بأنه مرعى محروس لمكانه، ولا خلاف أن هجرة أبي بكر كهجرة عارم بن فهيرة (3) لأنهما صحباه عليه السلام ثم لا خلاف أن هجرة أمير المؤمنين عليه السلام كانت أفضل من هجرة عامر بن فهيرة