فأما الخبر بأنهما (سيدا كهول أهل الجنة) فقد تقدم الكلام عليه خاصة وعلى نظائره وقد تقدم أيضا الكلام فيما يروى من تعظيم أمير المؤمنين عليه السلام وتكلمنا أيضا على ما ادعى من وصفه بأنه خليله وأخوه واستقصينا كل ذلك استقصاء لا يحوج إلى زيادة.
وأما ما ادعاه من بشارته له ولغيره بالجنة فأول ما فيه أن راويه واحد ولا شبهة في أنه غير معلوم ولا مقطوع به فكيف يحتج في هذا الموضع به؟
ثم الذي رواه أحد العشرة وهو سعيد بن زيد بن نفيل (1) وهو مزك لنفسه مع تزكيته غيره، ودخوله في جملة من تضمنه الخبر شبهة، وطريق إلى التهمة.
وبعد، فقد علمنا أن الله تعالى لا يجوز أن يعلم مكلفا يجوز أن يقع منه القبيح والحسن، وليس بمعصوم من الذنوب بأن عاقبته الجنة، لأن ذلك يغريه بالقبيح ولا خلاف أن التسعة لم يكونوا معصومين من الذنوب وقد أوقع بعضهم على مذهب خصومنا كبائر وواقع خطايا وإن ادعوا أنهم تابوا منها.
ومما يبين بطلان هذا الخبر أن أبا بكر لم يحتج به لنفسه ولا احتج له به في مواطن دفع فيها إلى الاحتجاج كالسقيفة وغيرها، وكذلك عمر وعثمان أيضا لما حصر وطولب بخلع نفسه وهموا بقتله وقد رأيناه احتج بأشياء تجري مجري الفضائل والمناقب، وذكر القطع له بالجنة أولى منها وأحرى أن يعتمد عليه في الاحتجاج، وفي عدول الجماعة عن ذكره دلالة