الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٤ - الصفحة ٢٣
إليه يصلح للإمامة لأنا قد بينا أن للإمامة شرائط تزيد على الاسلام والإيمان.
فأما نفي الكفر فإن أريد به نفي إظهاره وإعلانه في تلك الحال فلا شبهة في ذلك، وإن أريد به نفي إبطانه فليس في السبق إلى إظهار الاسلام نفي لذلك.
فأما ادعاؤه أنه واساه بماله ونفسه فالمواساة بالنفس إنما تكون بأن يبذل في نصرته والمدافعة عنه، ومكافحة الأعداء وذبهم عن وجهه، ومعلوم بلا شبهة حال أبي بكر.
فأما المواساة بالمال فما يحصل مع المخالفين فيها إلا على دعوى مجردة متى طالبناهم بتفصيلها وذكر الوجوه التي كان إنفاقه فيها ألطوا (1) وحاجزوا ولم يحصل منهم على شئ مقنع. ولو كان إنفاق أبي بكر صحيحا لوجب أن تكون وجوهه معروفة كما كانت نفقة عثمان في تجهيز جيش العسرة وغيره معروفة لا يقدر على إنكارها منكر، ولا يرتاب في جهاتها مرتاب، وكما كانت جهات نفقات أمير المؤمنين عليه السلام معروفة ينقلها الموافق والمخالف فمن ذلك أنه عليه السلام كان يقوم بما يحتاج النبي صلى الله عليه وآله مدة مقامه بالشعب إليه ويتمحله.
وقد روي أنه آجر نفسه من يهودي صرف أجره إلى بعض ما كان يحتاج إليه النبي صلى الله عليه وآله، وإنفاق أمير المؤمنين عليه السلام مع الاقتار والإقلال أفضل وأرفع من إنفاق أبي بكر لو ثبت مع الغنى والسعة ومن ذلك تقديمه الصدقة بين يدي النجوى ونزول القرآن بذلك

(1) ألطوا بها: مجدوها.
(٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 ... » »»