قال: منعتنيه، وأنا محتاج إليه، وتعطينيه وأنا مستغن عنه، قال: يكون لولدك، قال: رزقهم على الله، قال استغفر لي يا أبا عبد الرحمن، فقال أسأل الله أن يأخذ لي منك بحقي، وصاحب الكتاب قد حكى بعض هذا الخبر في آخر الفصل الذي حكيناه من كلامه، قال: (يوجب ذم ابن مسعود من حيث لم يقبل العذر) وهذا منه طريف لأن مذهبه لا يقتضي قبول كل عذر ظاهر، وإنما يجب قبول العذر الصادق الذي يغلب في الظن أن الباطن فيه كالظاهر فمن أين لصاحب الكتاب اعتذار عثمان إلى ابن مسعود كان مستوفيا للشرائط التي يجب معها القبول؟ وإذا جاز ما ذكره لم يكن على ابن مسعود لوم في الامتناع من قبول عذره.
فأما قوله: (إن عثمان لم يضربه، وإنما ضربه بعض مواليه لما سمع وقيعته فيه) فالأمر بخلاف ذلك وكل من قرأ الأخبار، علم أن عثمان أمر بإخراجه من المسجد على أعنف الوجوه، وبأمره جرى ما جرى عليه، ولو لم يكن بأمره ورضاه، لوجب أن ينكر على مولاه كسره لضلعه، ويعتذر إلى من عاتبه على فعله (1) بأن يقول إنني لم آمر بذلك، ولا رضيته من فاعله، وقد أنكرت على من فعله، وفي علمنا بأن ذلك لم يكن دليل على ما قلناه.
وقد روى الواقدي بإسناده وغيره، أن عثمان لما استقدمه المدينة دخلها ليلة جمعة، فلما علم عثمان بدخوله، قال أيها الناس إنه قد طرقكم الليلة دويبة من تمشي على طعامه يقئ ويسلح (2) فقال ابن مسعود لست كذلك ولكنني صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله يوم