فيما يختمه بخاتمك، وينفذه بيد غلامك، على بعيرك بغير أمرك، ومن تم عليه مثل ذلك لا يصلح أن يكون واليا على أمور المسلمين، فاختلع عن الخلافة على كل حال، وقد كان يجب على صاحب الكتاب أن يستحيي من قوله: (إن أمير المؤمنين عليه السلام قبل عذره) وكيف يقبل عذر من يتهمه ويشنعه وهو له ناصح، وما قاله أمير المؤمنين عليه السلام بعد سماع هذا القول منه معروف.
وقوله: (إن الكتاب يجوز فيه التزوير) وليس بشئ لأنه لا يجوز التزوير في الكتاب والغلام والبعير، وهذه الأمور إذا انضاف بعضها إلى بعض بعد فيها التزوير وقد كان يجب على كل حال أن يبحث عن القصة وعمن زور الكتاب وأنفذ الرسول ولا ينام عن ذلك. ولا ينيم حتى يعرف من أين دهي وكيف تمت الحيلة عليه فيحترز من مثلها؟ ولا يغضى عن ذلك إغضاء خائف له ساتر عليه، مشفق من بحثه وكشفه.
فأما قوله: (إنه وإن غلب في الظن أن مروان كتب الكتاب، فإن الحكم بالظن لا يجوز، وتسليمه إلى القوم على ما ساموه إياه ظلم لأن الحد والتأديب إذا وجب عليه فالإمام يقيمه دونهم) فتعلل (1) منه بالباطل، لأنا لا نعمل إلا على قوله: في أنه لم يعلم أن مروان هو الذي كتب الكتاب وإنما غلب في ظنه، أما كان يستحق بهذا الظن بعض التعنيف والزجر والتهديد؟ أو ما كان يجب مع وقوع التهمة وقوة الإمارات في أنه جالب الفتنة وسبب الفرقة أن يبعده عنه، ويطرده من داره، ويسلبه نعمته، وما كان يخصه به من إكرامه؟ وما في هذه الأمور أظهر من أن ينبه عليه.