الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٤ - الصفحة ٢٦٢
الأمة ذلك بنفوسها.
وما رأيت أعجب من ادعاء مخالفينا أن أصحاب رسول الله عليه السلام كانوا كارهين لما جرى عليه، وأنهم كانوا يعتقدونه منكرا وظلما، وهذا يجري عند من تأمله مجرى دفع الضرورة قبل النظر في الأخبار، وسماع ما ورد من شرح هذه القصة، لأنه معلوم أن ما يكرهه جميع الصحابة أو أكثرهم في دار عزهم، وبحيث ينفذ أمرهم ونهيهم، لا يجوز أن يتم، ومعلوم أن نفرا من أهل مصر لا يجوز أن يقدموا المدينة، وأن يغلبوا جميع المسلمين على آرائهم ويفعلوا ما يكرهونه بإمامهم بمرأى منهم ومسمع، وهذا معلوم بطلانه بالبداهة والضرورات، قبل مجئ الآثار وتصفح الأخبار، وتأملها.
وقد روى الواقدي عن ابن أبي الزناد عن ابن أبي جعفر القاري مولى بني مخزوم قال: كان المصريون الذين حصروا عثمان ستمائة عليهم عبد الرحمن ابن عديس البلوى (1) وكنانة بن بشر الكندي (2) وعمرو بن الحمق الخزاعي (3) والذين قدموا من الكوفة مائتين عليهم مالك بن الحارث الأشتر

(1) عبد الرحمن بن عديس البلوي صحابي من أهل بيعة الشجرة، شهد فتح مصر واختط بها، وكان من الفرسان، وكان رئيس الخيل التي سارت إلى عثمان، ولما آل الأمر إلى معاوية سجنه بفلسطين فهرب من السجن فتبعه فارس فقتله سنة 36.
(انظر الإصابة، حرف العين ق 1).
(2) كنانة بن بشر بن عتاب له إدراك، قال في الإصابة حرف الكاف ق 3:
شهد فتح مصر وقتل بفلسطين سنة 36.
(3) عمرو بن الحمق الخزاعي صحابي دعا له النبي صلى الله عليه وآله أن يمتعه بشبابه فمرت له ثمانون سنة ما فيه شعرة بيضاء، سكن الشام ثم الكوفة وكان ممن قام على عثمان مع أهلها، وشهد مع علي عليه السلام حروبه، وكان من أعوان حجر بن عدي الكندي، فلما قبض زياد على حجر هرب عمرو إلى الموصل فقتله عامل الموصل وبعث برأسه إلى معاوية فكان أول رأس أهدي في الاسلام (انظر الإصابة حرف العين، ق 1).
(٢٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 257 258 259 260 261 262 263 264 265 266 267 ... » »»