الأمة ذلك بنفوسها.
وما رأيت أعجب من ادعاء مخالفينا أن أصحاب رسول الله عليه السلام كانوا كارهين لما جرى عليه، وأنهم كانوا يعتقدونه منكرا وظلما، وهذا يجري عند من تأمله مجرى دفع الضرورة قبل النظر في الأخبار، وسماع ما ورد من شرح هذه القصة، لأنه معلوم أن ما يكرهه جميع الصحابة أو أكثرهم في دار عزهم، وبحيث ينفذ أمرهم ونهيهم، لا يجوز أن يتم، ومعلوم أن نفرا من أهل مصر لا يجوز أن يقدموا المدينة، وأن يغلبوا جميع المسلمين على آرائهم ويفعلوا ما يكرهونه بإمامهم بمرأى منهم ومسمع، وهذا معلوم بطلانه بالبداهة والضرورات، قبل مجئ الآثار وتصفح الأخبار، وتأملها.
وقد روى الواقدي عن ابن أبي الزناد عن ابن أبي جعفر القاري مولى بني مخزوم قال: كان المصريون الذين حصروا عثمان ستمائة عليهم عبد الرحمن ابن عديس البلوى (1) وكنانة بن بشر الكندي (2) وعمرو بن الحمق الخزاعي (3) والذين قدموا من الكوفة مائتين عليهم مالك بن الحارث الأشتر