الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٤ - الصفحة ٢٥٩
وأما قوله: (إن الأمر بالقتل لا يوجب قودا ولا دية ولا سيما قبل وقوع القتل المأمور به) فهب أن ذلك على ما قال أما يوجب على الآمر بالقتل تأديبا ولا تعزيرا ولا طردا ولا إبعادا؟.
وقوله: (لم يثبت ذلك) فقد مضى ما فيه وبينا أنه لم يستعمل فيه ما يجب استعماله من البحث والكشف، وتهديد المتهم وطرده وإبعاده، والتبرؤ من التهمة بما يتبرأ به من مثلها.
فأما قوله: (إن قتله ظلم، وكذلك حبسه في الدار ومنعه من الماء، وإن استحق القتل أو الخلع، لا يحل أن يمنع الطعام والشراب وأطنابه في ذلك وقوله: (إن من لم يدفع عن ذلك من الصحابة يجب أن يكون مخطئا) وقوله: (إن قتله أيضا لو وجب لم يجز أن يتولاه العوام من الناس) فباطل، لأن الذين قتلوه، لا ينكر أن يكونوا ما تعمدوا قتله، وإنما طالبوه بأن يخلع نفسه لما ظهر من أحداثه، ويعتزل الأمر اعتزالا يتمكنون معه من إقامة غيره، فلج وصمم على الامتناع، وأقام على أمر واحد، فقصد القوم بحصره إلى أن يلجئوه إلى خلع نفسه، فاعتصم بداره، واجتمع إليه نفر من أوباش بني أمية يدفعون عنه، ثم يرمون من دنى من الدار، فانتهى الأمر إلى القتال بتدريج. ثم إلى القتل، ولم يكن القتال ولا القتل مقصودا في الأصل، وإنما أفضى الأمر إليهما بتدريج وترتيب، وجرى ذلك مجرى ظالم غلب انسانا على رحله ومتاعه، فالواجب على المغلوب أن يمانعه ويدافعه ليخلص ماله من يده. ولا يقصد إلى إتلافه، ولا قتله، فإن أفضى الأمر إلى ذلك، بلا قصد كان معذورا وإنما خاف القوم في التأني به، والصبر عليه إلى أن يخلع نفسه من كتبه التي طارت في الآفاق يستنصر عليهم، ويستقدم الجيوش إليه، ولم يأمنوا أن يرد بعض من يدفع عنه، فيؤدي ذلك إلى الفتنة الكبرى، والبلية
(٢٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 254 255 256 257 258 259 260 261 262 263 264 ... » »»