الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٤ - الصفحة ٢٥٧
فكوا الكتاب بمحضر منهم وأخبروهم بقصة الغلام، فدخلوا على عثمان والكتاب مع أمير المؤمنين عليه السلام فقال له: هذا الغلام غلامك؟
قال نعم قال والبعير بعيرك قال نعم قال: فأنت كتبت هذا الكتاب قال:
لا وحلف بالله أنه ما كتب الكتاب ولا أمر به، فقال له: فالخاتم خاتمك؟ فقال: نعم قال: كيف يخرج غلامك ببعيرك بكتاب عليه خاتمك، ولا تعلم به؟
وفي رواية أخرى، إنه لما واقفه قال له عثمان: أما الخط فخط كاتبي، وأما الخاتم فعلى خاتمي قال: فمن تتهم؟ قال: اتهمك، واتهم كاتبي فخرج أمير المؤمنين مغضبا وهو يقول: بل هو أمرك، ولزم داره وقعد عن توسط أمره حتى جرى ما جرى من أمره.
وأعجب الأمور قوله لأمير المؤمنين عليه السلام إني أتهمك، وتظاهره بذلك، وتلقيه إياه في وجهه بهذا القول، مع بعد أمير المؤمنين عليه السلام عن التهمة والظنة في كل شئ ثم في أمره خاصة، فإن القوم في الدفعة الأولى أرادوا أن يعجلوا له ما أخروه، حتى قام أمير المؤمنين عليه السلام بأمره وتوسطه، وأصلحه وأشار إليه بأن يقاربهم ويعتبهم، حتى انصرفوا عنه، وهذا فعل النصيح المشفق الحدب المتحنن ولو كان عليه السلام وحوشي من ذلك متهما عليه، لما كان للتهمة مجال عليه في أمر الكتاب خاصة لأن الكتاب بخط عدو الله وعدو رسوله وعدو أمير المؤمنين عليه السلام مروان، وفي يد غلام عثمان، ومختوم بخاتمه، ومحمول على بعيره، فأي ظن تعلق بأمير المؤمنين عليه السلام في هذا المكان لولا العداوة وقلة الشكر للنعمة، ولقد قال له المصريون لما جحد أن يكون الكتاب كتابه شيئا لا زيادة عليه في باب الحجة، لأنهم قالوا: إذا كنت ما كتبته ولا أمرت به فأنت ضعيف، من حيث تم عليك أن يكتب كاتبك
(٢٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 252 253 254 255 256 257 258 259 260 261 262 ... » »»