السلام لم يول من أقاربه متهما ولا ظنينا، وحين أحس من ابن عباس بعض الريبة لم يمهله ولا احتمله، وكاتبه بما هو مشهور سائر ظاهر، ولو لم يجب على عثمان أن يعدل عن ولاية أقاربه إلا من حيث جعل عمر ذلك سبب عدوله عن النص عليه وشرط عليه يوم الشورى أن لا يحمل أقاربه على رقاب الناس، ولا يؤثرهم لمكان القرابة بما لا يؤثر به غيرهم، لكان صارفا قويا فضلا عن أن ينضاف إلى ذلك ما انضاف من خصالهم الذميمة، وطرائقهم القبيحة.
فأما سعيد بن العاص فإنه قال في الكوفة: إنما السواد بستان لقريش تأخذ منه ما شاءت وتترك، حتى قالوا له: أتجعل ما أفاء الله علينا بستانا لك ولقومك! ونابذوه وأفضى ذلك الأمر إلى تسييره من سير من الكوفة والقصة مشهورة ثم انتهى الأمر إلى منع أهل الكوفة سعيدا من دخولها، وتكلموا فيه وفي عثمان كلاما ظاهرا، حتى كادوا يخلعون عثمان فاضطر حينئذ إلى إجابتهم إلى ولاية أبي موسى فلم يصرف سعيدا مختارا بل ما صرفه جملة، وإنما صرفه أهل الكوفة عنهم.
فأما قوله: (إنه أنكر الكتاب المتضمن لقتل محمد بن أبي بكر وأصحابه، وحلف إن الكتاب ليس كتابه، ولا الغلام غلامه، ولا الراحلة راحلته، وإن أمير المؤمنين عليه السلام قبل عذره) فأول ما فيه أنه حكى القصة بخلاف ما جرت عليه، لأن جميع من روى هذه القصة ذكر إنه اعترف بالخاتم والغلام والراحلة، وإنما أنكر أن يكون أمر بالكتاب (1) لأنه روي أن القوم لما ظفروا بالكتاب قدموا المدينة، فجمعوا أمير المؤمنين عليه السلام وطلحة والزبير وسعدا وجماعة الأصحاب، ثم