فأما حديث الدفن، وإدخاله في باب أحكام الدين التي يجب معرفتها، فطريف وقد يجوز أن يكون أمير المؤمنين عليه السلام سمع من النبي صلى الله عليه وآله في باب الدفن مثل ما سمع أبو بكر، وكان عازما على العمل به، حتى روى أبو بكر ما رواه فعمل بما كان يعلمه لا من طريق أبي بكر وظن الناس أن العمل لأجله، ولم يكن ذلك كذلك ويجوز أن يكون رسول الله صلى الله عليه وآله خبر وصيه في موضع دفنه ولم يعين له موضعا بعينه، فلما روى أبو بكر ما روى رأى موافقته، فليس في هذا دلالة على أنه عليه السلام استفاد حكما لم يكن عنده فأما موالي صفية فقد تقدم قولنا في شأنهم، وبطلان ما ظنه صاحب الكتاب في قصتهم [وليس سكوته حيث سكت عند عمر رجوعا عما أفتى به، ولكنه كسكوته عن كثير من الحق تقية ومداراة للقوم (1)] وأما قوله عليه السلام: (سلوني قبل أن تفقدوني) وقوله: (إن ها هنا لعلما جما) إلى غير ذلك فإنه لا يدل على عظم المحل في العلم فقط، على ما ظنه صاحب الكتاب، بل هو قول واثق بنفسه، آمن من أن يسأل عما لا يعلمه، وكيف يجوز أن يقول مثله على رؤس الاشهاد، وظهور المنابر: (سلوني قبل أن تفقدوني) وهو يعلم أن كثيرا من الأحكام في الدين يعزب (2) عنه، وأين كان أعداؤه، والمنتهزون لفرصته وزلته عن سؤاله عن مشكل المسائل، وغوامض الأحكام، والأمر في هذا ظاهر.
فأما استبعاد أبي علي لما روي عنه عليه السلام: (لو ثنيت لي