نعم، فنقول له: فهذا القدر كاف في إبطال سؤالكم لأنا وإن لم نعلم أن الإمامة كانت في ولد هارون من بعد موسى فلم نعلم أيضا أنها كانت إلى يوشع بن نون مضافة إلى النبوة، فكيف يقال لنا: إن النبي صلى الله عليه وآله لو أراد الإمامة لقال أنت مني بمنزلة يوشع بن نون؟
قال صاحب الكتاب: " على أنه يقال لهم: ومن أين أن هارون لو عاش بعد موسى لكان خليفته؟ فإن قالوا: إذا كان خليفته في حال حياته وجب مثله بعد وفاته، قيل لهم: أتقولون: إن الخلافة في حال الحياة تقتضي الخلافة بعد الموت لا محالة، أو يحتاج في كونه خليفة له بعد وفاته إلى أمر آخر، فإن قالوا: يقتضي ذلك، قيل لهم: فيجب لو قيده بحال الحياة أن يكون خليفته بعد الموت، وأن لا يفترق الحال بين المقيد منه والمطلق ولا فرق بين من قال إن خلافته منه عليه السلام سنة تقتضي الخلافة فيما بعد وبين من قال مثله (1) في الوكالة والإمارة وغيرهما... " (2).
ثم ذكر بعد هذا كلاما لا نرتضيه ولا نتعلق به إلى أن قال:
" وبعد فمن أين أنه كان خليفته على وجه ثبت بقوله حتى لولا هذا القول لم يكن خليفة على قوله؟ بل ما أنكرتم أن يكون إنما قال ذلك فعن قوله:
(اخلفني في قومي) استظهارا كما قاله له: (وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين) استظهارا يبين ذلك أن المتعالم من حاله أنه كان شريكه في النبوة، ولا يجوز ذلك إلا ويلزمه عند غيبة موسى أن يقوم بأمر قومه، وإن لم يستخلفه كما يلزمه إذا استخلفه، وما هذه حاله لا يعد في التحقيق