الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٣ - الصفحة ٢٦
وليس يمكن أن يدعي أن ظاهرها وحقيقتها يقتضيان حال الوفاة، وأنها إذا أريد بها ما عدا حال الوفاة من الأحوال كانت مجازا لأن ذلك تحكم من مدعيه، ولا فرق بينه وبين من ادعى عكسه عليه، فقال إنها إنما تكون مجازا إذا عني بها حال الوفاة، ومن رجع إلى ما يقع عليه هذه اللفظة في الاستعمال والتعارف لم يجد لوقوعها كناية عن بعض الأحوال مزية على بعض.
ثم يقال له: في قوله: " إن الكلام يقتضي حصول المستثنى والمستثنى منه معا لهارون عليه السلام وأن من حق الاستثناء أن يطابق المستثنى منه في وقته " أما مطابقة الاستثناء للمستثنى منه فهو الصحيح الواجب الذي فزعوا إليه، ومدار كلامهم في هذه الطريقة عليه، وأما حصول المستثنى والمستثنى منه معا لهارون في وقتهما وعلى سائر وجوههما فغير واجب لأن النبي صلى الله عليه وآله لم يقصد إلى جعل منازل هارون من موسى في زمانهما ووجه حصولهما لأمير المؤمنين عليه السلام وإنما قصد إلى إيجاب ما كان لهارون من موسى عليهما السلام من المنازل في حال مخصوصة لأمير المؤمنين عليه السلام في حال أخرى فدخل التشبيه والتمثيل بين المنازل لأنفسها لا بين أوقاتها وأزمان حصولها، والذي دلنا على صحة هذه الجملة:
ما قدمناه من اعتبار الاستثناء لأنه عليه السلام إذا استثنى ما أخرجه من المنازل بعده، وكان الاستثناء من شأنه أن يطابق المستثنى منه حتى يكون مخرجا من الكلام ما لولاه لثبت على الوجه الذي تعلق به الاستثناء، فلا بد أن يحكم بأنه عليه السلام أراد بصدر الكلام إيجاب المنازل بعده، فكأنه عليه السلام قال: (أنت مني بمنزلة هارون من موسى) بعدي واستغنى عن التصريح بلفظ بعدي في صدر الكلام من حيث كان الاستثناء دالا عليها، ومقتضيا لها، وهذا هو الواجب في
(٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 ... » »»