الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٣ - الصفحة ٣٣
لثبت في الحال، أو ما لولاه لثبت في المستقبل، قيل له: إن ظاهر هذا الكلام لا يقتضي إلا الحال، وإنما يقتضي المستقبل من جهة المعنى لا من جهة اللفظ، ومن حق الاستثناء أن يعود إلى اللفظ لا إلى المعنى فلا يصح ما ذكرته، يبين ما ذكرناه أنه لو تغيرت منزلته في المستقبل لم يبطل حكم اللفظ، ولو كانت منزلته غير حاصلة في الحال لبطل حكم اللفظ، فعلمنا أن الذي يقتضيه الظاهر هو الحال وإنما يحكم بدوامه من جهة المعنى، وذلك يبين صحة ما ذكرناه، على أنه لو جعل ذلك دلالة على ضد ما قالوه بأن يقال: لم يكن لهارون من موسى منزلة الإمامة بعده البتة، فيجب إذا كان حال علي عليه السلام من النبي صلى الله عليه وآله حال هارون من موسى أن يكون إماما بعده لكان أقرب مما تعلقوا به، لأنهم راموا إثبات منزلة مقدرة ليست حاصلة بهذا الخبر، فإن ساغ لهم ذلك ساغ لمن خالفهم أن يدعي أن الخبر يتناول نفي الإمامة بعد الرسول صلى الله عليه وآله من حيث لم يكن ذلك لهارون بعد موسى، ومتى قالوا: ليس ذلك مما يعد من المنازل فيتناوله الخبر، قلنا بمثله في المقدر الذي ذكروه.
وبعد، فإنه يقال لهم: قد ثبت من منزلة هارون من موسى الشركة في النبوة في حال حياته، والذي كان له منزلة الإمامة بعده يوشع بن نون فلو أراد عليه السلام بهذا الخبر الإمامة لكان يشبه منزلته منه بمنزلة يوشع ابن نون من موسى وهذا يبين أن مراده عليه السلام ما ينفيه من بعد مما يقتضي إثباته في الحال فقط،... " (1) يقال له: إنا لا نسألك عن هذا السؤال الذي أوردته على نفسك ومع إنا لا نسألك عنه فقد أجبت عنه بما ليس بصحيح، لأن مجرد اللفظ الذي يقتضي الاثبات من الخبر لا يقتضي بظاهره لا الحال ولا المستقبل،

(1) المغني: 20 ق 1 / 16.
(٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 ... » »»