الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٣ - الصفحة ٢٤
دخلها (1) هذا الاستثناء بعد نبوته لا بعد موته وهذا يسقط ما عولوا عليه فصار التشبيه الأول هو الدال على أن المستثنى والمستثنى منه جميعا حاصلان لهارون، وإذا لم يحصل له كل المنازل إلا في حال الحياة من موسى وجب صحة ما ذكرناه، ومما يبين صحة ذلك أن من حق الاستثناء أن يطابق المستثنى منه في وقته لأن الرجل إذا قال لفلان على عشرة دراهم إلا درهما فالمراد بما أثبته الحال وبما نفاه الحال ولا يجوز في الكلام سوى ذلك إلا بقرينة ودلالة، وقد علمنا أنه عليه السلام لما قال لعلي عليه السلام: (أنت مني بمنزلة هارون من موسى) أثبت له المنزلة في الوقت، فيجب فيما استثنى أن يتناول الوقت فكيف يقال: إنه أراد بعد موته بل [كيف] (2) يجب حمله على الوقت فكأنه قال: أنت مني في حال نبوتي بمنزلة هارون من موسى في حال نبوته وبعد نبوته إلا أنه لا نبي بعد نبوتي حتى يكون الاستثناء متناولا للحال التي لولا الاستثناء لثبت، فإذا كان لو لم يستثن لوجب في حق الكلام أن يكون شريكه في النبوة في الحال كما ثبت لهارون فيجب إذا استثني أن يقتضي نفي هذا المعنى وهذا يمنع من حمله على بعد الموت، وليس لأحد أن يقول فيجب أن لا يعرف بقوله: (إلا أنه لا نبي بعدي) أنه خاتم الأنبياء وذلك لأنه إذا كان المراد إلا أنه لا نبي بعد كوني نبيا فقد دل على ذلك بأقوى ما يدل لو أراد إلا أنه لا نبي بعد وفاتي (3) فكيف لا يدل على ما ذكرتموه؟
ولسنا نعتمد في أنه خاتم النبيين عليه السلام إلا على ما نعلم من دينه ضرورة بالنقل المتواتر الذي نعرف به ذلك من غير اعتبارا لفظه.. " (4)

(1) غ " المنازل التي حصل لأجلها ".
(2) " كيف " من " المغني ".
(3) غ " ولو أراد بقوله: ب‍ (بعدي) بعد وفاتي ".
(4) المغني 20 ق 1 / 163.
(٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 ... » »»