يبذله له وإن لم يكن وقع ممن شبهت حاله به مثل تلك المسألة بعينها، ولم يكن للقائل الذي حكينا قوله أن يمنعه من الدرهم والثوب بأن يقول: إنني جعلت لك منازل فلان من فلان، وليس في منازله إن سأله درهما أو ثوبا فأعطاه في كل واحدة منهما بل يوجب عليه جميع من سمع كلامه العطية من حيث كان المعلوم من حال من جعل له مثل منزلته أنه لو سأله في ذلك كما سأل هذا أجيب إليه، وليس يلزم على هذا أن تكون الصلاة السادسة وما أشبهها من العبادات التي لو أوجبها الرسول صلى الله عليه وآله علينا لوجب مما يجري عليها الوصف الآن بأنها من شرعه لأنها لم يحصل لها سبب وجوب استحقاق بل سبب وجوبها مقدر بما أنها مقدرة، وليس كذلك ما أوجبناه لأنا لا نصف بالمنزلة إلا ما حصل استحقاقه وسبب وجوبه ولو قال عليه السلام: صلوا بعد سنة صلاة مخصوصة خارجة عما نعرف من الصلوات لجاز أن يقال: بل وجب أن تكون تلك الصلاة من شرعه قبل حضور الوقت من حيث ثبت سبب وجوبها، ومثل ما ذكرناه يسقط قول من يقول: فيجب على كلامك أن يكون كل أحد نبيا إماما وعلى سائر الأحوال التي يجوز على طريق التقدير أن يحصل عليها مثل أن يكون وصيا لغيره، وشريكا له ونسيبا إلى غير ذلك، لأنه على طريق التقدير يصح أن يكون على جميع هذه الأحوال لوجود أسبابها وشروطها، وإنما لم يلزم جميع ما عددناه لما قدمنا ذكره من اعتبار ثبوت سبب المنزلة واستحقاقها وجميع ما ذكر لم يثبت له سبب استحقاق، ولا وجوب، ولا يصح أن يقال إنه منزلة.
ثم يقال له: ما نحتاج إلى مضايفتك في وصف المقدر بأنه منزلة وكلامنا يتم وينتظم من دونه لأن ما عليه هارون من استحقاق منزلة الخلافة بعد وفاة موسى إذا كان ثابتا في أحوال حياته صح أن يوصف بأنه منزلة وإن لم يصح وصف الخلافة بعد الوفاة بأنها منزلة في حال الحياة لأن التصرف في الأمر المتعلق بحال مخصوصة عند استحقاقه وأحد الأمرين