الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٣ - الصفحة ٢٢٢
ابتداء الأمر، ثم إن الخلاف من بعض ما ذكرناه بقي واستمر وإن لم يكن ظاهرا منه في المستقبل على حد ظهوره في الماضي، إلا أنه منقول معروف، فمن أين لصاحب الكتاب أن الخلاف انقطع؟ وأن الإجماع وقع في حال من الأحوال؟ فما نراه عول في ذلك إلا على الدعوى.
فإن قال: أما الخلاف في الابتداء فقد عرفته، وأقررت به، وما تدعونه من استمراره باطل لأنه غير منقول ولا معروف، فعلى من يدعي استمرار الخلاف أن يبين ذلك، فأنى أنكره.
قيل له: لا معتبر بإنكارك ما تذكره في هذا الباب لأنك بين أمرين إما أن تكون منكرا لكونه مرويا في الجملة وتدعي أن أحدا لم يرو استمرار الخلاف على وجه من الوجوه، أو تعترف بأن قوما رووه غير ثقات عندك، وأنه لم يظهر ظهور الخلاف الأول، ولم ينقله كل من نقل ذلك، فإن أردت ما ذكرناه ثانيا فقد سبقناك إلى الاعتراف به، لأنا لم ندع في الاستمرار ما حصل في الابتداء من الظهور، ولا ندفع أنك لا توثق أيضا كل من روى ذلك إلا أن أقل ما في هذا الباب أن يمنعك هذا من القطع على أن النكير زال وارتفع، والرضا حصل وثبت، وإن أردت ما ذكرناه أولا فهو يجري مجرى دفع المشاهدة لأن وجود هذا في الرواية أظهر من أن يدفع، ولم يزل أمير المؤمنين عليه السلام متظلما متألما منذ قبض الرسول صلى الله عليه وآله إلى أن توفاه الله إلى جنته، ولم يزل أهله وشيعته يتظلمون من دفعه عن حقه، وكان ذلك منه عليه السلام ومنهم يخفى ويظهر ويترتب في الخفاء والظهور ترتب الأوقات في شدتها وسهولتها، فكان عليه السلام يظهر من كلامه في هذا الباب في أيام أبي بكر ما لم يكن ظاهرا في أيام عمر، ثم قوي كلامه عليه السلام وصرح بكثير مما في نفسه في أيام عثمان، ثم ازداد قوة في أيام تسليم الأمر إليه، ومن عني بقراءة الآثار علم أن الأمر جرى على ما ذكرناه.
(٢٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 227 ... » »»