الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٣ - الصفحة ٢٢٧
وقد روى جميع أهل السير أن أمير المؤمنين والعباس لما تنازعا في الميراث، وتخاصما إلى عمر قال عمر من يعذرني من هذين ولي أبو بكر فقالا: عق وظلم، والله يعلم إنه كان برا تقيا ثم وليت فقالا: عق وظلم (1) وهذا الكلام من أوضح دليل على أن تظلمه عليه السلام من القوم كان ظاهرا لهم، وغير خاف عليهم، وإنما كانوا يجاملونه ويجاملهم.
وروى الواقدي في كتاب الجمل بإسناده أن أمير المؤمنين عليه السلام حين بويع خطب فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: (حق وباطل ولكل أهل لئن أمر الباطل لقديما فعل ولئن قل الحق لربما ولعل، ولقل ما أدبر شئ فأقبل وإني لأخشى أن تكونوا في فترة وما علينا إلا الاجتهاد وقد كانت أمور مضت ملتم فيها ميلة كانت عليكم، ما كنتم عندي فيها بمحمودين، أما والله إني لو أشاء لقلت، عفا الله عما سلف، سبق الرجلان، وقام الثالث كالغراب همته بطنه، يا ويله لو قص جناحه، وقطع رأسه لكان خيرا له) في كلام طويل بعد هذا وقد روى هذه الخطبة غير الواقدي من طرق مختلفة (2).

(١) في تلخيص الشافي ٣ / ٥٢ " فقال: لا عق وظلم " ولا ريب أنه تحريف وما في المتن أوجه.
(٢) هذه الخطبة نقل مختارها الشريف الرضي في نهج البلاغة ١ / 46 وقال ابن أبي الحديد في ج 1 / 257 معلقا عليها: " هذه الخطبة من جلائل خطبه عليه السلم ومن مشهوراتها رواها الناس كلهم وفيها زيادات حذفها الرضي إما اختصارا وإما خوفا من إيحاش السامعين " قال: " وقد ذكرها شيخنا أبو عثمان على وجهها " وقال إنها: أول خطبة خطبها في خلافته " أما كتاب الجمل فلم يعلم مستقره الآن، ولكن ابن أبي الحديد ينقل عنه كثيرا في ثنايا شرحه على النهج وكذلك الشيخ المفيد في كتاب " الجمل " المسمى ب‍ " النصرة لحرب البصرة ".
(٢٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 222 223 224 225 226 227 228 229 230 231 232 ... » »»