الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٣ - الصفحة ١٩٣
ولسنا ننكر بعد ذلك أن يكون هذا الخبر مرويا على الوجه الذي ادعوه لكن رواه قليل من كثير، وواحد من جماعات، والقوم عكسوا القصة فأوردوه مورد ما لا خلاف فيه، وما لا يعرف سواه، وإذا كانت الرواية بغيره أظهر كان العمل بخلافه مما هو الظاهر في الرواية أوجب، والذي يدل على ضعف هذه الدعوى ما تظاهرت به الرواية عن أبي بكر من قوله عند حضور الموت: ليتني كنت سألت رسول الله صلى الله عليه وآله عن ثلاثة أشياء ذكر من جملتها (1) ليتني كنت سألته هل للأنصار في هذا الأمر حق، وكيف يقول هذا القول من يروي عنه صلى الله عليه وآله (الأئمة من قريش) و (إن هذا الأمر لا يصلح إلا لهذا الحي من قريش).

(1) الأشياء الثلاثة من التسعة التي رويت عنه فعن عبد الرحمن بن عوف قال: إنه دخل على أبي بكر الصديق (رض) في مرضه الذي توفي فيه فأصابه مهتما فقال له عبد الرحمن في جملة كلام له إنك لا تأسى على شئ من الدنيا قال أبو بكر (رض) أجل إني لا آسى على شئ من الدنيا إلا على ثلاث فعلتهن ليتني تركتهن، وثلاث تركتهن وددت أني فعلتهن، وثلاث وددت أني سألت رسول الله صلى الله عليه وآله عنهن، فأما الثلاث التي وددت أني تركتهن فوددت أني لم أكشف بيت فاطمة عن شئ وإن كانوا قد غلقوه على الحرب، ووددت أني لم أحرق الفجاءة السلمي وأني قتلته سريحا أو خليته نجيحا، ووددت أني يوم سقيفة بني ساعدة كنت قذفت الأمر في عنق أحد الرجلين - يريد عمر أو أبا عبيدة - فكان أحدهما أميرا وكنت وزيرا، وأما اللاتي تركتهن فوددت أني يوم أتيت بالأشعث بن قيس أسيرا كنت قتلته فإنه يخيل إلي أنه لا يرى شرا إلا أعان عليه ووددت أني حين سيرت خالد بن الوليد إلى أهل الردة كنت أقمت بذي القصة فإن ظفر المسلمون ظفروا، وإن هزموا كنت بصدد لقاء أو مدد، وددت أني إذ وجهت خالد إلى الشام كنت وجهت عمر بن الخطاب إلى العراق فكنت قد بسطت يدي كليهما في سبيل الله - ومد يديه - ووددت أني سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن هذا الأمر؟ فلا ينازعه أحد، ووددت أني سألته هل للأنصار في هذا الأمر نصيب، ووددت أني كنت قد سألته عن ميراث ابنة الأخ والعمة فإن في نفسي منهما شئ، أخرجه أبو عبيد في الأموال ص 131 والطبري في التاريخ 3 / 430 حوادث سنة 13 والمسعودي في مروج الذهب 2 / 308 وابن عبد ربه في العقد الفريد 4 / 267.
(١٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 ... » »»