الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٣ - الصفحة ١٤
الإفهام والبيان، فهذا وجه.
ووجه آخر وهو إنا وجدنا الناس في هذا الخبر على فرقتين منهم من ذهب إلى أن المراد منزلة واحدة لأجل السبب الذي يعدون خروج الخبر عليه أو لأجل عهد أو عرف، والفرقة الأخرى تذهب إلى عموم القول بجميع ما هو منزلة لهارون من موسى عليهما السلام بعد ما أخرجه الدليل على اختلافهم في تفصيل المنازل وتعيينها، وهؤلاء هم الشيعة وأكثر مخالفيهم، لأن القول الأول لم يذهب إليه إلا الواحد والاثنان، وإنما يمتنع من خالف الشيعة من إيجاب كون أمير المؤمنين عليه السلام خليفة النبي صلى الله عليه وآله من حيث لم يثبت عندهم أن هارون لو بقي بعد موسى لخلفه، ولا أن ذلك مما يصح أن يعد في جملة منازله فكان كل من ذهب إلى أن اللفظ يصح تعديه المنزلة الواحدة ذهب إلى عمومه فإذا فسد قول من قصر القول على المنزلة الواحدة لما سنذكره، وبطل وجب عمومه لأن أحدا لم يقل بصحة تعديته مع الشك في عمومه، بل القول بأنه مما يصح أن يتعدى، وليس بعام خروج عن الإجماع.
فإن قال: وبأي شئ تفسدون أن يكون الخبر مقصورا على منزلة واحدة لأجل السبب أو ما يجري مجراه.
قيل له: أما ما تدعي من السبب الذي هو إرجاف المنافقين (1)، ووجوب حمل الكلام عليه وألا يتعداه فيبطل من وجوه:
منها، أن ذلك غير معلوم على حد العلم بنفس الخبر (2) بل غير معلوم أصلا، وإنما وردت به أخبار آحاد وأكثر الأخبار واردة بخلافه، وأن أمير المؤمنين عليه السلام لما خلفه النبي صلى الله عليه وآله بالمدينة في

(1) الأرجاف: واحد أراجيف الأخبار، وأرجف القوم خاضوا في أخبار الفتن وغيرها، ومنه (المرجفون في المدينة).
(2) خ " على حد تيقن الخبر ".
(١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 ... » »»