الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٣ - الصفحة ١١
الأصل على وجه يجب معه كون هارون مفترض الطاعة على أمة موسى لو بقي إلى بعد وفاته، وثبوت مثل هذه المنزلة لأمير المؤمنين عليه السلام وإن لم يرجع إلى كونه خليفة له في حال حياته ووجوب استمرار ذلك إلى بعد الوفاة فإن في المخالفين من يحمله نفسه على دفع خلافة هارون لموسى في حياته وإنكار كونها منزلة تنفصل عن نبوته وإن كان فيما حمل نفسه عليه ظاهره المكابرة ويقول: قد ثبت أن هارون كان مفترض الطاعة على أمة موسى عليه السلام لمكان شركته له في النبوة التي لا يتمكن من دفعها، وثبت أنه لو بقي بعده لكان ما يجب من طاعته على جميع أمة موسى عليه السلام يجب له لأنه لا يجوز خروجه عن النبوة وهو حي، وإذا وجب ما ذكرناه وكان النبي صلى الله عليه وآله قد أوجب بالخبر لأمير المؤمنين عليه السلام جميع منازل هارون من موسى ونفى أن يكون نبيا وكان من جملة منازله أنه لو بقي بعده لكانت طاعته مفترضة على أمته وإن كانت تجب لمكان نبوته وجب أن يكون أمير المؤمنين عليه السلام المفترض الطاعة وعلى سائر الأمة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وإن لم يكن نبيا لأن نفي النبوة لا يقتضي نفي ما يجب لمكانها على ما بيناه، وإنما كان يجب بنفي النبوة، نفي فرض الطاعة لو لم يصح حصول فرض الطاعة إلا للنبي، وإذا جاز أن يحصل لغير النبي كالإمام والأمير علم انفصاله من النبوة، وأنه ليس من شرائطها وحقائقها التي تثبت بثبوتها وتنتفي بانتفائها والمثال الذي تقدم يكشف عن صحة قولنا، وأن النبي صلى الله عليه وآله لو صرح أيضا بما ذكرناه حتى يقول " أنت مني بمنزلة هارون من موسى " في فرض الطاعة على أمتي وإن لم تكن شريكي في النبوة وتبليغ الرسالة لكان كلامه مستقيما بعيدا من التنافي، فإن قال: فيجب على هذه الطريقة أن يكون أمير المؤمنين عليه السلام مفترض الطاعة على الأمة في حال حياة النبي صلى الله عليه وآله
(١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 ... » »»