ثم لو سلمنا وقوع الجميع مختلفا لكان الكلام أيضا لازما لأنا نقول كان يجب أن يعلم وقوعه على الوجه الذي وقع عليه من الاختلاف كما علمنا سائر ما ذكر مما وقع متفقا، لأنه لا فرق بين أن يظهر بيان الحكم ويكرره متفقا، وبين أن يظهره ويكرره مختلفا في أن العلم بحاله في الاختلاف والاتفاق يجب حصوله، وهذا يوجب أن نكون عالمين بوقوع الأذان مثنى، ووقوعه مفردا (1) وبأنه صلى الله عليه وآله قطع السارق من مواضع مختلفة (2) إلى جميع ما وقع الاختلاف فيه، وكان مرجعه إلى النص على حد علمنا بوجوب الأذان في الجملة ونصه على الكعبة، وصيام الشهر المعين، وفي عدم العلم بأحد الأمرين ودخول الشبهة فيه، وحصوله في الآخر، وانتفائها عنه دلالة على صحة قولنا، ولو سلمنا لهم ما لا يزالون يقولونه عند هذه المعارضة من أن الأحكام التي أشرتم إليها، ووقع اختلاف الناس فيها لم يكن من الرسول صلى الله عليه وآله نص فيها، وتوقيف عليها، وإنما وكل فيها أمته إلى الاستدلال والاجتهاد، وإن كنا قد بينا فساده بما تقدم لكان معنى كلامنا هذا أيضا مبطلا له لأن من جملة ما ذكرناه من الأحكام ما علمنا حدوثه على عهد الرسول صلى الله عليه وآله وأنه قد كان منه عليه السلام فيه فعل مخصوص كعلمنا بأنه عليه السلام قد كان يتطهر في كثير من الأوقات بين أصحابه في السفر والحضر ويصلي بهم بحيث يشاهدونه، ويؤذن له في اليوم والليلة خمس دفعات، أذانا ظاهرا، وقد قطع عليه السلام بعض السراق، فهب أن للاجتهاد
(٨٣)