مخصوص، ولباس معين، وأكل شئ واحد، ونظم قصيدة بعينها منهم من غير أن يكون لهم سبب جامع، ومثلوه أيضا بما هو معلوم من استحالة أن يخبر الواحد أو الجماعة عن الأمور الكثيرة فيقع خبرهم بالاتفاق صدقا من غير علم تقدم، وبما يعلمه أيضا من استحالة وقوع الكتابة المنتظمة أو الصنعة المحكمة من الجماعة وهي جاهلة بما وقع منها على سبيل الاتفاق، وإن كان كل واحد منها يجوز أن يقع منه كتابة الحرف والحرفين، وكل الذي ذكروه صحيح، وليس منزلة العلم باستحالة وقوع الكذب اتفاقا من الجماعة الكثيرة من غير تواطؤ بأدون رتبة وأخفى عند العقلاء من جميع ما ذكر، بل منزلة هذه العلوم أجمع عند من خبر العادات واحدة، وإنما يحمل بعضها على بعض على سبيل الكشف والايضاح، وإلا فالكل على حد واحد، وليس يخرج العلم الذي ذكرناه من حيز الضرورة وقوعه عند ضرب من الاختبار للعادة، لأنه غير ممتنع في العلوم الضرورية أن تقع عند تقدم اختبار أو غيره كالعلم بالصنائع ووقوعه عند مزاولتها والحفظ الواقع عند الدرس، وليس لأحد أن يقول: إذا جاز أن يخبر الجماعة الكثيرة بالصدق ومن غير تواطؤ فألا جاز أن يخبر الجماعة الكثيرة بالكذب على هذا الوجه؟ وأي فرق بين الأمرين؟ لأن مفارقة الصدق للكذب في هذا الباب معلومة من جهة أن الصدق يجري في العادة مجرى ما حصل فيه سبب جامع، وعلم الجماعة بكونه صدقا داع إليه وجامع عليه، وليس كذلك الكذب لأن الكذب لا بد في فعله من أمر زائد وسبب جامع، ولصحة ما ذكرناه ما استحال في العادة أن يخبر أهل بلد كبير بوقوع حادثة عظيمة وهم كاذبون مع تواطؤ (1) وما يقوم مقامه، وجاز أن يخبر بذلك وهم صادقون مع ارتفاع التواطؤ.
(٧٢)