الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٢ - الصفحة ٨٥
مسحهما، وخالف منهم (1) في قطع السارق ومن الخوارج لا يصحح الرواية عن النبي صلى الله عليه وآله بخلاف مذهبه ولا يسلم أنه عليه السلام فعل شيئا من ذلك إلا على الوجه الذي ذهب هو دون مخالفيه إليه، وكيف يتوهم هذا عاقل وهو يعلم أن الشيعة تبدع من مسح جميع رأسه أو غسل رجليه، وتقول إن غسل الرجلين لا يجزي عن مسحهما، ولا صلاة لمن استعمل الغسل بدلا من المسح، وكذلك لا صلاة لمن مسح جميع رأسه معتقدا أن الفرض لا يتم له إلا به وعندهم أن النبي صلى الله عليه وآله لم يستعمل قط في رجليه إلا المسح دون الغسل، ولا قطع السارق إلا من حيث يقتضي مذهبهم قطعه.
وبعد، فإذا جاز أن يكون الرواية بذلك ظاهرة عن النبي صلى الله عليه وآله مستفيضة مع خلاف الشيعة فيها، وتدينهم ببطلانها جاز أن يكون النص صحيحا والخبر به حقا مع خلاف من خالف فيه، وأي شئ قيل في خلاف الشيعة من قذف لهم بالمكابرة، ودفع المعلوم، أو دخول الشبهة أمكن أن يقول الشيعة مثله لمخالفيهم في النص، وكان لهم أن

(1) منهم أي من الإمامية فإنهم يرون أن قطع السارق من أصول الأصابع وتترك له الابهام والكف لأن اسم اليد يقع على جملة هذا العضو إلى المنكب ويقع أيضا إلى المرفق، وإلى الزند والى الكف فيجعل كل ذلك غاية، قال تعالى (فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم) البقرة 79، ومعلوم أن الكتابة بالأصابع، وقال تعالى في قصة يوسف: (فلما رأينه أكبرنه وقطعن أيديهن) يوسف والمراد عقرن أكفهن فحملوا اليد على أدنى ما تناولته هذه اللفظة وهو أصول الأصابع عملا بما ورد في ذلك عن أئمتهم عليهم السلام، والقطع بهذه الصورة أولى بالحكمة وأرفق بالمقطوع لأنه إذا قطع من الزند فاته من المنافع أكثر مما يفوته إذا قطع من الأشاجع، أما غير الإمامية فيذهبون إلى قطع يد السارق من الرسغ، والخوارج يذهبون إلى قطعها من الكتف باعتبار وقوع اسم اليد عليها ينظر في ذلك كتب الحدود من المدونات الفقهية لفقهاء المذاهب.
(٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 ... » »»