الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٢ - الصفحة ٨١
الصحة وسلامة النقل، فقد علمنا أيضا أن النص قد اتفق فيه ما لم يتفق في سائر ما قصصته لأن النص على الكعبة، وإيجاب صوم شهر رمضان، وتأمير فلان وفلان، مما لم يدع أحدا في ماض ولا مستقبل داع إلى كتمانه، ولا انعقدت رئاسة على أبطاله، ولا قوبل راو له في أصله أو فرعه بالتكذيب، أو لقي بالتبديع (1)، بل سلم جميع الناس عالمهم وجاهلهم مليهم وذميهم فاتضح لذلك طريق العلم به، وارتفع كل شك فيه وليس هذا حال النص فإن جميع ما عددناه اتفق فيه وعرض في أصوله وفروعه، وفي اتفاق بعضه ما يقتضي الريب وتطرق الشبهة، ويمنع من مساواة ما أجمع على تسليمه وتصديق راويه مما تقدم.
ومما يبين أن حصول اليقين بما ذكره السائل، وارتفاع الشكوك عنه، لم يكن لأجل صحته في نفسه، أو ظهوره في أصله، أو عموم فرضه، أو لزوم الحجة به، على ما يظنه خصومنا أنه لو كان كذلك لوجب حصول اليقين، وزوال الشبهة في كل ما جرى مجراه في وقوع النص عليه، ولزوم الحجة به، وعموم فرضه وظهوره، ولو كان ذلك واجبا لكان علمنا بكيفية الصلاة والطهارة وصفات الحج وحدود الزكاة إلى غير ما ذكرناه من العبادات الشرعية المنصوص على أحكامها على حد علمنا بوقوع النص في الجملة على وجوبها، وعلى حد علمنا بسائر ما تعدد من أحوال النبي صلى الله عليه وآله الظاهرة كتأميره أمراءه وحجته، وهجرته، وغزواته المشهورة، فلما كان العلم بسائر هذه الأمور عاما لا طريق للشك عليه، ولا مجال للشبهة فيه، والعلم بحدود العبادات التي ذكرناها وكيفية أحكامها، خاصا قد تنازعه أهل العلم وتجاوبوه،

(1) أي لقيه الناس بأنه من أهل البدع.
(٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 ... » »»