واعتقدت كل فرقة فيه مذهبا يخالف مذهب الأخرى، وكل من تمسك في ذلك بطريقة يرى أن الحجة هدته إليها وأن الشبهة صرفت مخالفيه عنها، بطل أن يكون ما اشترك في وقوع النص أو عموم الفرض أو لزوم الحجة به يجب اشتراكه في حصول العلم، وزوال الشك، وثبت أن الاعتبار الذي اعتبرناه هو الواجب، وليس يمكن أحدا أن يدفع وقوع النص على شروط جميع ما ذكرناه من العبادات وكيفياتها، لأنه لا سبيل إلى امتثالها إلا بعد بيان أحكامها، وكيفية فعلها، فما يوجب بيان فرضها ووجوبها على الجملة يوجب بيان أحكامها، لأن ارتفاع أحد البيانين مخل بالامتثال، ولأن كثيرا من أحكام ما عددناه لا طريق للاجتهاد فيه، بل المرجع في العلم به إلى النصوص، ولا يمكنه أن يقول: إن بيان أحكام هذه العبادات وقع في الأصل مختلفا فنقل على اختلافه، ولم يقع العلم بطريقة واحدة فيه كما وقع بما ذكر متقدما لأن هذا لا يمكن أن يقال في جميع ما اختلف فيه، وإنما يذكر في الأذان فإن أذان مؤذنيه عليه السلام وقع مختلفا (1) وإن ذكر في غيره فلا بد أن يكون مما طريقه التخيير، أو مما يسوغ فيه اختلاف العمل، وكل ذلك غير دافع للكلام، لأن هذه الأحكام إن كان بيانها وقع في الأصل على وجه واحد فالاعتراض بها لازم للقوم ظاهر اللزوم، وإن كان وقع مختلفا لإباحة أو تخيير أو غيرهما فليس هذا أولا في كل ما عارضنا به، ويكفي أن يكون في جملته حكم واحد يخالف ما ذكروه في أن معارضتنا تكون متوجهة.
(٨٢)